قالوا: وأما المكاتب فنحن لا نقول: ألحق بالأحرار لمشابهته بالأحرار فإن العبد يشبه الأحرار في معانى كثيرة ومغ ذلك لا يلحق بالأحرار وكذلك الدواب تشبه بنى آدم في صفات خمس ولا يلحق هذا الشبه ببنى أدم ولكن المكاتب حر يد أثبتت له بحكم عقد الكتابة ورقيق رقبة فلحرية يده يستحق ما يستحق الحر بيده ولرق رقبته لا يستحق ما يستحقه الحر برقبته.
والصحيح: أنه ثبت له أحكام الأحرار بالكتابة نظرا له ليصل إلى الحرية مع بقاء الرق على الكمال.
وقد قال أيضا من يرد قياس الشبه أن مجرد الشبه صورة أوحكما لا يشعر بمناسبة بين العلة والحكم لجواز افتراق المحلين في الحكم.
وبيانه: أن من قاس الوضوء على التيمم في إيجاب النية بقوله طهارة فليس في قوله طهارة ما يؤثر في إيجاب النية ويجوز افتراق الوضوء والتيمم في حكم النية وغيرها فلا يدل نفس وجوب النية في التيمم على وجوبها في الوضوء فلابد من اجتماعهما في المعنى الذى يوجب نية الفعل إذا اتصف بكونه طهارة حتى إذا اجتمع الفعلان في وصف الطهارة يجتمعان في الحكم وعلى هذا من علل في منع قتل الحر بالعبد يقول قصاصا وقاس على الطرف فيقال نفس قول قصاص لايدل على امتناع الجريان ويجوز أن يمنع الحكم بين الطرف والنفس في ذلك المعنى ليجتمعان في حكم النفى وأمثال هذا تكثر جدا يدل عليه أنه ليس الشبه إلا اشتراك الشيئين في وجه من الوجوه وإن اشتركا في وجه من الوجوه افترقا في كثير من الوجوه ومن اكتفى بمجرد اشتراك في الشبه بوجه ما يعارض بمجرد افتراق الشبه بوجه ما أو بوجوه شتى لأن وجوه الافتراق في الأشياء أظهر من وجوه الاجتماع فدل على أن قياس الشبه بنفسه لا يكون حجة.
ويقولون أيضا: قولك إن الفرع كالأصل في الحكم أبعلم تقول هذا أم أبظن أو لا بعلم ولا بظن؟ فإن قلت: بعلم فأين العلم وإن قلت بظن فأين الظن وهذا لأن العلم والظن لابد لهما من مستند فاذكر المستند حتى يصح قولك إنه بعلم أو بظن وإلا فهو هذيان وإن قلت لا بعلم ولا بظن فحكم الله تعالى لا يثبت بالجزاف.
وإن قلت: تشابههمافى وجه يغلب على الظن تشابههما في الحكم فهذا دعوى مجردة وإن كانت المشابهة في وجه يفيد ظنا فالمفارقة في سائر الوجوه تبطل الظن