وقالوا أيضا: إن الأصل في القياس هم الصحابة والمنقول من الصحابة النظر إلى المصالح والعلل المعنوية فأما مجرد الشبه فلم ينقل عنهم بوجه ما.
وأما دليل من جعل قياس الشبه حجة فنذكر أولا الفرق بين قياس المعنى وقياس الشبه والطرد ويمكن أن يقال: على الإطلاق قياس المعنى تحقيق وقياس الشبه تقريب وقياس الطرد تحكم.
ونقول: إن قياس المعنى ما يناسب الحكم ويستدعيه ويؤثر فيه ويقتضيه وهو تعليق التخفيف بما يوجب التخفيف وتعليق العقوبات بالجنايات وتعليق وجوب الحق بالايجابيات وأمثال هذا تكثر وأما الطرد فعلى عكس هذا هذا فإنه تعليق الحكم بما لا يناسب الحكم ولا يشعر به ولا يقتضيه وقد سبق بيان هذين جميعا والكلام فيهما.
واما قياس الشبه فلابد وأن يكون في فرع يتجاذبه أصلان فيلحق بأحدهما بنوع شبه يقرب من غير تعرض لبيان المعنى ونعنى بالمقرب شبها يقرب الفرع من الأصل في الحكم المطلوب ويجوز أن يقال قياس يشعر باجتماع في حكم من غير بيان المعنى وقد استدل من جعله حجة بأن الشرع ورد باعتبار الشبه في جزاء الصيد وباعتبار الأشباه في العدالة والفسق يعنى اعتبار السدد في القول بالسداد في الأفعال وبذلك عدم السداد في القول بعدم السداد في الأفعال وكذلك ورد الشرع باعتبار الأشباه في الضيافة وأيضا فإن القياس ليس إلا بمثيل الشئ بالشئ وتشبيهه به والشئ إنما يمثل بما يشتبهه ويجانسه فيجب إلحاق الشئ بما يشابهه ويجانسه جريا على هذا الأصل.
يدل عليه: أن التساوى في الذوات والأوصاف يوجبه التساوى في الأحكام فإن المستويين ذاتا ووصفا يستويان في الحكم لتحقيق التساوي.
ألا ترى أن المكاتب ملحق بالأحرار في كثير من الأشياء وليس ذلك إلا باعتبار مجرد الشبه والمعتمد من الدليل أنا أجمعنا أن قياس المعنى حجة ولا موجب لكونه حجة إلا أنه يفيد قوة الظن أو يخيل في القلب أنه متعلق بذلك المعنى فإن طريق العلم القطعى مسدود مردوم ومثل هذا المسلك يوجد في قياس الشبه ولا يعرف هذا إلا ببيان المثال هذا قول تعالى القائل في الوضوء: إنه يجب فيه النية إنه طهارة حدث فيجب فيها النية كالتيمم أو يقول في مسألة المضمضة والاستنشاق: إنهما لا يجبان في الغسل من الجنابة إنه غسل حكمى فلا يتعدى من الظاهر إلى داخل الفم والأنف كغسل الميت