ولم يبال بمثل هذا الانتقال. قلنا: من ضعفه على ضعف غيرته وقلة تصيرته في معنى الفقه والجملة أن النقض لا يلزمه إلا الضعف.
وقد قيل: أيضا إن من لم يبال بانتقاض علته يلزمه القول بتكافئ الأدلة وهو ساقط بالاتفاق.
وبيان ذلك: أن من قال في محاولة تحليل النبيذ هو مائع فيحل شربه كالماء والمعلل غير مبال بلزوم الخمر نقصا لأنه يقول بتخصيص العلة فللمعترض أن يقول مائع فيحرم كالخمر ولا يبالى بالنقض بالماء لأنه يقول بتخصيص العلة فيتكافأ الدليلان وليس أحدهما بأولى من الآخر وقد اعترضوا على هذا وقالوا بطلان هذين التعليلين إنما كان لوقوعهما طردين خارجين عن مسلك المعانى والأشباه المعتبرة والنطق بمثل هذا باطل.
ونحن نقول: إنما قلتم معنى مبطل وما قلناه أيضا معنى مبطل فبطلت العلة من وجهين. وقد قال: أصحابنا إن القول بتخصيص العلة يؤدى إلى ما ذكرناه من تكافئ الأدلة يؤدى أيضا إلى أن يتعلق بالعلة الواحدة حكمان متضادان وذلك أنه إذا وجدت العلة في أصلين واقتضت التحليل في أحدهما دون الآخر لم ينفصل من علق عليهما التحليل في الفرع اعتبارا بأحد الأصلين ممن علق عليها التحريم في ذلك الفرع اعتبارا بالأصل الآخر فيتكافأ الدليلان ويستوى القولان وهذ لا يجوز وفى المسألة كلام كثير ونحن رأينا الاعتمادد على هذه الدلائل الثلاثة وهى أقوى ما يعتمد عليها وقد أيد ما قلنا قول الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[النساء: ٨٢] والنقض من الاختلاف فدلت المناقظة على أن الدليل ليس من عند الله تعالى وما لا يكون من عند الله لا يكون حجة في حكم الجواب
قلنا: أما قولهم: إن العلل الشرعية أمارات بجعل جاعل.
قلنا: من تعنى الجاعل إن عنيت المعلل فلا نسلم أنها صارت علة بجعل الجاعل.
بل هى علة شاء المعلل أم أبى وقد يقصد المعلل إثارة حكم فيظهر العلة المؤثرة بغير ذلك الحكم وإن عنيت بجعل الشرع فمن أين لكم أن الشرع جعل هذا أمارة في موضع دون موضع؟ ثم نقول: الأمارة المعتبرة لنا الحكم عليها الأمارة اللغوية للظن وبالنقض يذهب قوة الظن أو يقال: هو أمارة بشرط أن لا ينتقض كما هو أمارة بشرط أن لا يعارضها نص كتاب أو نص خبر وأما تعلقهم بالعلة المنصوبة قلنا: من