للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابنا من قال: لا يجوز تخصيص العلة المنصوص عليها١ لا يجوز تخصيص العلة المستنبطة ومتى وجدناها مع عدم الحكم علمنا أنها بعض العلة غير أنا لا نقول: إن العلة الشرعية منقوضة لأن الشرع لا تناقض في كلامه فإذا كان مخصوصا علمنا أنه لم ترد كل العلة وأما المعلل يجوز أن يناقض. فإذا أطلق التعليل ودخل التخصيص وهو مناقضة كما بينا علمنا أن ما ذكره ليس بدليل أصلا إن سلمنا أن تخصيص العلة التي نص عليها يجوز ولا يجوز تخصيص العلة المستنبطة فالفرق بينهما أن العلة المنصوصة دليل صحتها النص فحسب وقد وجد فصحت وأما العلة المستنبطة فدليل صحتها التأثير أو الجريان على ما سبق وبالتخصيص بطل الجريان ويبطل التأثير أيضا لأنه تبين أنه ليس بأمارة أو تبين أنه لا يفيد قوة الظن وإنما صارت العلة علة لقوة الظن فإذا فات الظن فاتت العلة.

وأما كلامهم الذي اعتمدوا عليه: قلنا: لا ننكر أن توجد الأمارة في بعض المواضع من غير حكمها لكن إذا علمنا انتفاء حكمها في بعض المواضع العلة من العلل شرطنا في كونها أمارة انتفاء تلك العلة وانتفاء الموضع الذي لم يوجد حكم العة فيه حكمها ولا يكون العلة المذكورة طريقا إلى الحكم إلا إذا علمنا انتفاء ما شرطنا انتفاؤه وعلى أن بطلان العلة لمكان التخصيص أثبتناه بوجود المناقضة في كلامه أو لفوات التأثير الذى هو المعتمد في صحة العلة وفى المواضع التي استشهدوا بها في الحسيات ليس الموجود بكلام حتى يكون مناقضا وأما على قولنا: إن التأثير يفوت بالتخصيص فإنما أردنا بالتأثير قوة الظن وكذلك نقول في تلك المواضع إن قوة الظن تفوت خصوصا إذا تكرر رؤية دابة القاضى على باب الأمير من غير أن يكون القاضى ثم وكذلك إذا تكرر وجود الغيم ولا مطر والإشكال مع ما قلناه قائم لأنه تمكن دعوى زوال الأمارة في الغيم الرطب وفي الموضع الآخر بوجود الإخلاف مرة أو مرتين فكذلك في مسألتنا وجب أن لا تزول الأمارة بوجود التخصيص في موضع أو موضعين إلا أنا نقول: لابد أن تضعف الأمارة بما ذكرنا ولابد من توفر القوة من كل وجه لأن هذا ظن يثير حكما شرعيا فلا بد من بلوغه نهاية القوة وأن لا يتوهم في الظن قوة وراء قوته حتى يصح تعليق الحكم الشرعى به وذلك بوجود الإطراد حتى لا يخلف هذه الأمارة في موضع ما. فإذا اختلف لم يتوفر للحكم القوة من كل وجه وهذا جواب حسن


١ انظر إحكام الأحكام "٣/٣١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>