العلة كانت حجة بالتأثير المفيد لقوة الظن وهذا يبطل ويفوت بالتخصيص وعلى هذا يظهر الجواب عن العلة المنصوصة أيضا لأن صحتها بالنص لم يضره التخصيص الواقع عليه.
وأما المستنبطة فصحتها بالتأثير وشرطها الجريان لئلا تضعف قوة الظن الواقع بها فيمتنع تعليق الحكم به وعلى أن طائفة من أصحابنا سووا بين العلتين في المنع من التخصيص وعلى التسليم قد ظهر الجواب ظهورا قويا وقد سلم أبو إسحاق المروزى وأبو العباس بن القاص وفرقا بشئ طويل على ما هو سمت كلام المتقدمين وحرف الجواب ما قدمنا وفيه بلاغ ومقنع.
وقد قال بعضهم: إن الشافعى في إنكاره تخصيص العلة مناقض لأنه قال بتخصيص العلة في مسائل كثيرة: منها أنه يقول: إن الواجب على متلف اللبن مثله قياسا على إتلاف كل ماله مثل. ثم خص هذا الأصل في المصراة فأوجب في اللبن المستهلك فيها صاعا من تمر ومنها: أنه علل تحريم الخمر للشدة وقاس عليها تحريم النبيذ وللخمر ثلاث أحكام التحريم والتفسيق والحد وطرد علته في الفرع في الحد ولم يطرد في التفسيق. فإنه لم يرد شهادة شارب النبيذ ولم يحكم بفسقه وأيضا فإنه خص علة الزنا في مسألة العرايا.
وجوز العقد من غير وجود المماثلة كيلا أو كذلك قد خص ضمان الجنين بالغرة مع مخالفته سائر أجناسه وكذلك الدابة على العاقلة خص من بين المواضع ولا يوجد لها نظير في موضع ما وأمثال هذا كثير وما زال الفقهاء يقولون خص بموضع كذا بدليل كذا وقل ما يوجد أصل من أصول الشرع لم يخص منه موضع.
والجواب وبالله التوفيق: أنا لا ننكر وجود مواضع في الشرع وتخصيصها بأحكام تخالف سائر أجناسها بدليل شرعى يقوم عليه في ذلك الموضع على الخصوص فيقال إنه موضع يمتاز من سائر المواضع يختص بالحكم من غير أن يتعرض لع معنى أصلا فيكون ذلك مسلما لذلك الدليل ولا يصدم أصل ولا يصدم هو أصلا ولا يطلب له معنى قبل ما يطلب سائر المواضع وهذا مثل عوض اللبن في المصراة ومثل مسألة الميزابنه ومسألة تحمل العقل ومسألة الجنين وأمثال هذا فكما لا يقول أنه يقاس عليها من غيرها المواضع بمعنى لا نقول أنه تخصيص به أصل عرف بمعنى والقول الملخص في الباب: أن ما تخص به العلة المعنوية إذا عرف معناها ولابد للمخصص من فارق معنوى من