للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضعين فهذا التخصيص ممنوع منه لأنه إذا افترق الموضعان بعلة معنوية مؤثرة في التفريق تبين لنا أن المعلل في نصبه العلة التي خص منها هذا الموضع لم يستوف الحجة ولم يكمل نظره في بيان العلة لأنه لم يكن له غير استثناء المعنى الذى خص به الموضع المذكور ونظيره من جعل الوزن علة بانفراده في تحريم النساء ثم قال: يجوز أن يسلم الدراهم في الزعفران والحديد والرصاص وبين معنى مؤثرا في جواز ذلك خص هذا الموضع في الجواز مع وجود الوزن في الجانبين فحين ذكرنا معنى مؤثرا في جوازه دل أنه بجعله مجرد الوزن علة لم يستوف النظر ولم يدرك تمام الحجة وكذلك من جعل الطعم علة في تحريم الربا ثم قام للدليل أن الطعم مؤثر مع الجنس حتى أن الحنطة بالشعير يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا مع وجود علة الطعم فيها دل أنه لم يستوف النظر فإن لم يبين المعلل معنى مؤثرا في الجنسين فنبين عند ذلك أن الجنس محل وشرط وليس بعلة وكذلك نقول وقد ذكرنا في مسألة علة الربا إنه لا تأثير للجنس بوجه ما وأن التأثير للطعم على الخصوص فمن عرف الأصل الذى قد بيناه سهل له الكلام هذا لأن التخصيص عمله في تفويت قوة الظن بالأمارة وإنما يفوت مثل ما يستند المخصوص منه إلى معنى فأما إذا لم يستند إلى معنى أصلا فلا يفوت بذلك قوة الظن وهذا مثل من يقول إن اللبن من ذوات الأمثال لأن المثل أعدل الواجبين وكونه أعدل منه للقيمة لا يشكل على ناظر فبأن استثنى لبن المصراة من هذا الأصل بنص خصه لا يفوت قوة الظن في سائر المواضع وكذلك إذا قلنا: إن غير الجانى لا يوجد بضمان الجناية فإذا خص هذا الأصل بإيجاب الدية على العاقلة وتحميلهم إياها وسلم ذلك النقض لا يفوت قوة الظن في سائر المواضع وعلى عكس هذا إذا قال: إن الوزن علة الربا ثم قال: إسلام الدراهم في الموزونات تجوز ورام التفريق بين الوزن والكيل في أن الكيل بانفراده يحرم النساء والوزن بانفراده ولا يحرم النساء في هذه الصورة وفرق بما ذكروا من أن الوزن في أحدهما يشبه الكيل والوزن في الآخر لا يشبه الكيل أو قال: إن الوزن في أحدهما وزن الأثمان وفى الآخر وزن المثمنات ثم كان قد جعل أصل الوزن علة فعلى القطع نعلم أنه يزول قوة الظن في كون الوزن علة وقد ذكر بعضهم الكتابة الفاسدة في مسألة البيع الفاسد من هذا الجنس وقال: إذا قلنا: إن البيع الفاسد ليس بسبب شرعى فلا يفيد الملك الشرعى فإذا ألزم الخصم عليه الكتابة فيقال للملزم أتعرف بخروج الكتابة الفاسدة عن قاعدة المعانى أم تدعى جريانها على سمت المعاني؟

<<  <  ج: ص:  >  >>