ونقول في الثاني: إن إثبات الأصول والجمل يجوز بالقياس كما يجوز إثبات التفاصيل.
وأما الحدود والكفارات فقد بينا الكلام فيها.
وأما الأبدال فعندنا يجوز إثباتها بالقياس إذا أمكن إثباتها على الشريطة التي قلناها وقدمناها من قبل.
وأما الاعتراض بأن من قاس عليه لا يجوز أن يجعل أصلا. فمثاله: أن نقيس على اصل منسوخ مثل صوم عاشوراء فإنه لا يجوز القياس عليه وكذلك إذا قاس غير الرسول على الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك القياس على أصل مركب وقد ذكرنا الكلام فيه وقد قال أصحاب أبى حنيفة: إن القياس على المخصوص من الأصل لا يجوز وقد بينا من قبل جوازه إذا أمكن القياس عليه وذلك بأن عرف له معنى يمكن قياس غيره به عليه وأما الاعتراض بأن يقول ما جعلته علة لا يجوز أن يجعل علة فمثال هذا أن يقول جعلت الاسم علة أو جعلت الشبه علة. أو يقول: جعلت صورة المسألة علة أو يقول جعلت نفى صفة علة أو يجعل الاختلاف أو الاتفاق علة والصورة في هذه الأشياء معلومة. وأما مثال قولنا: إنه جعل الاختلاف علة هو قول القائل في زكاة ما لا يؤكل لحمه حيوان مختلف في جواز أكله فيطهر جلده بالذكاة كالضبع والتعليل للكلب.
وأما مثال جعل الاتفاق علة فهو مثال ما قاله الأصحاب في المتولد بين الظباء والغنم حيوان منفصل من حيوان يجب فيه الذكاة بالإجماع فأشبه المتولد بين السائمة والمعلوفة.
واعلم أما قد بينا من قبل أنه لابد من إقامة الدليل على صحة العلة. فكل علة يمكن إقامة الدليل عليه بالوجه الذى قلنا فتلك العلة صحيحة وما لا فلا.
وأما الاعتراض بأن ما جعله حكما للعلة لا يجوز أن يجعله حكما فمثاله أن نقول في حكم العلة فأشبه ولا يبق الحكم فيه. ومنها أن نقول: فاستوى ولا يصرح بالحكم وقد أخبرنا اختلاف الأصحاب في هذا من قبل
وأما الاعتراض بالممانعة في الأصل فمثاله أن يقول القائل في موت أحد المتعاقدين في الإجارة عقد على المنفعة فبطل بموت المعقود له كالنكاح. فيقول السائل: لا نسلم أن النكاح يبطل بالموت بل يتم وقد يكون المنع بأحد القولين للشافعى وبإحدى