الروايتين عن أبى حنيفة وقد ذكر بعض أصحاب أبى حنيفه منع الأصل بالقياس الذى يخالف الاستحسان على مذهب أبي حنيفة وهذا منع باطل لأن المذهب عندهم هو الاستحسان والكلام في هذا الأصل يكثر وسنبين من بعد.
وأما الاعتراض بمنع الوصف فمثاله أن يقول القائل في الاستئجار على الحج فعل يجوز أن يفعله الغير عن الغير فيجوز الاستئجار عليه١. فيمنع السائل ويقول لا يجوز عندي أن يفعله الغير عن الغير
فإن الحج يقع عن النائب وكذلك قول القائل في الترتيب الوضوء عبادة يبطلها الحدث فيكون التريب من شرطها. فيقول السائل: عندي لا تبطل الصلاة بالحدث إنما تبطل الطهارة به ثم الصلاة تبطل ببطلانها.
وأما الاعتراض بطلب تصحيح العلة وهذا قد بينا من قبل وقلنا إن المطالبة صحيحة وذكرنا وجه تصحيح العلة ومثاله قول القائل في تحريم النبيذ إنه شراب مسكر ومشتد يدعو قليله إلى كثيره كالخمر فإذا طولب بتصحيح العلة وجب عليه تصحيحها على ما عرف.
وأما الاعتراض بالقول بموجب العلة ومثال ذلك ما يقول الحنفى في مسألة بيع الغائب عقد معاوضة فلا يبطل بعدم الرؤية وإنما يبطل بالجعالة وسنبين بعد هذا في هذا الفصل ما يتصل به.
وأما الاعتراض على العلة بعدم التأثير. ومثاله ما نقول في الثيب الصغيرة حرة سليمة ذهبت بكارتها بالجماع فلا يجوز نصر رضاها كالبالغة. فيقول المخالف: ذهاب البكارة لا تأثير له في الأصول ألا ترى أن في المال وفى الولاية على الغلام لا فرق بين الثيب والبكر وقد بينا أن إثبات العلة واجب وسبيل المجيب أن يبين التأثير في مثال آخر وذلك قول القائل في الاستنجاء أنه لابد فيه من العدد فيقول عبادة تتعلق بالأحجار لم يتقدمها معصية فوجب فيها التكرار كرمى الجمار.
فيقول السائل: لا تأثير لقولك لم يتقدمها معصية لأن ما تقدمته معصية وما لم يتقدمة معصية نحو باب العدد سواء. ألا ترى أن الاستنجاء لا فرق فيه بين أن يتقدمه معصية أو لا يتقدمه معصية في أن العدد معتبر فيه عندكم. وكذلك في رمى الجمار
١ الاستئجار على الحج غير جائز في إحدى الروايتين عن أحمد وهو مذهب أبي حنيفة وإسحاق. وهناك من قال: يجوز وهو الرواية الثانية عن أحمد وهو مذهب مالك والشافعي وابن المنذر انظر المغنى "٣/١٨٠" رحمة الأمة في اختلاف الأئمة "٢١١".