للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عد المشايخ المتقدمون هذا السؤال في نهاية القوة وأبطلوا به العلة. ونحن نقول إن مثال هذه العلل من نوع الطرديات والصور ولا يجوز تعليق الحكم بها بوجه ما. وقد ذكر الجدليون في هذا النوع من السؤال كلاما كثيرا وكتب الجدل مملوءة من ذلك ولم أر للإتيان بذلك كبير فائدة لأنا إذا قلنا بطرد كل وصف لا يخيل في الحكم ولا يناسبه سقط أمثال هذه الأوصاف إذا دخلت في العلل.

وأما الاعتراض بالنقض فهو: أن توجد العلة في مسألة ولا حكم ومثاله: قول القائل في مسألة الأجرة عقد على المنفعة فلا يجب فيه تعجيل العوض بنفس العقد كالمضاربة فيقول السائل ينتقض بالنكاح وسنبين الكلام في النقض وجوابه.

وأما الاعتراض بالكسر١ فقد سموه نقضا من حيث المعنى. ومثاله: ما يقول القائل في بيع ما لم يره المشترى مبيع مجهول الصفة عند العاقد فلا يصح بيعه. دليله: إذا قال: بعتك عبدا. فيقول السائل ينكسر بالنكاح وذلك أن يتزوج امرأة مجهولة الصفة عند العاقد ومع ذلك جاز النكاح. قالوا: والكسر سؤال مليح والاشتغال به ينتهى إلى بيان الفقه.

وأما الاعتراض ببيان فساد الوضع فهو أن يتعلق بما يوجب التخفيف تغليظا وبما يدل على التغليظ تخفيفا. ومثاله: قول الحنفى في قتل العمد إنه كبيرة فلا يوجب كفارة كالرده.

فيقول السائل: علقت بها لحكم التخفيف وهو سقوط الكفارة وقد يذكر بلفظ إفساده: ومثاله: قول الحنفى في النكاح بلفظ الهبة: لفظ ينعقد به نكاح النبى صلى الله عليه وسلم فينعقد به نكاح أمته فيقول السائل هذا اعتبار فاسد لأن الله تعالى خص النبى صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ. فقال تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] فمن جمع بينه وبين غيره بالتعليل فسد اعتباره لأنه تعليل منصوب لإبطال التخصيص الثابت بالقرآن.


١ اختلف الأصوليون في تعريف الكسر فعرفه الإمام الرازي والبيضاوي بأنه عدم تأثير أحد جرأي العلة ونقض الجزأ الآخر.
ومعنى هذا أن العلة تكون مركبة من جزأين: أحدهما: لا تأثير له أي يوجد الحكم بدونه.
وثانيهما: منقوض أي يوجد ويتخلف الحكم عنه.
وعرفه الآمدي وابن الحاجب: بأنه اختلف الحكم عن الحكمة التي قصدت منه انظر نهاية السول "٤/٢٠٤, ٢٠٥, ٢٠٦, ٢٠٧" سلم الوصول "٤/٢٠٤, ٢٠٥, ٢٠٦, ٢٠٧" إحكام الأحكام "٤/١٢٣" أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "٤/١٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>