قال أبو زيد: النقض لا يرد على العلة المؤثرة لأن تأثيرها لا يثبت إلا بدليل يجمع عليه ومثل ذلك الدليل لا ينقض وإنا تجئ المناقضة على الطرد لأن أصحاب الطرد إنما جعلوا العلة علة باطرادها فإذا لم تطرد بطلت.
قال: وأما المؤثرة لا يرد عليها النقض ولكن يرد عليها الخصوص فيبين المعلل أن الذى جاء ناقضا في الظاهر لا يدخل تحت ما جعله المعلل علة من حيث المعنى وبيان ذلك بطرق أربعة من حيث اعتبار معنى الوصف الذى هو ركن العلة ثم باعتبار معنى دلالة التأثير الذى صار الوصف به حجة يجب العمل بها ثم باعتبار الحكم الذى وقع التعليل لإثباته ثم بالغرض الذى قصد المعلل التعليل لأجله وأثبت الحكم بقدره.
أما الوصف فنحو قولنا: إن وظيفة الرأس المسح فلا يثلث كوظيفة الخف ولا يلزم الاستنجاء بالحجارة لأن تلك الوظيفة ليست بمسح بل هى إزالة النجاسة الحقيقية.
ألا ترى أن الإزالة بالماء أفضل منها لأنها أتم ولو كانت الوظيفة مسحا لكره التبديل بالغسل كما في [وظيفة] ١ الرأس.
قالوا: كذلك قولنا في الدم السائل: إنه نجس خارج فأشبه البول ولا يلزم الدم إذا لم يسل لأنه طاهر وليس بخارج لأن الخروج بالانتقال من مكان باطن إلى مكان ظاهر وتحت كل جلدة رطوبة وفى كل عرق دم فالذى هو على رأس الجرح ظهر بزوال الجلدة عنه وقد كانت سترة له ولم ينتقل عن مكانه إلى مكان طاهر من بدنه خلقه فهو مثل رجل ظهر بفتح الباب أو بنقض البناء وآخر ظهر بالخروج عن الباب فالأول ليس بخارج والثانى خارج.
وأما التأثير وبيان دفع النقض به قال هو مثل قولنا في مسألة تثليث المسح: