مسح وإيراد الخصم الاستنجاء عليه ووجه دفعنا ذلك بالتأثير وهو أن صفة المسح إنما صار علة لمنع التثليث لأنه قد ظهر أثره في نفسه من حيث التخفيف لأنه إذا قوبل المسح بالغسل كان المسح في نهاية التخفيف وكذلك ثبت التخفيف له قدر التأدية ببعض المحل وهذا المعنى معدوم في الاستنجاء لأن الأصل المأمور مسح موضع النجاسة بإزالتها فيكون على وصف التغليط مثل الغسل ولا يتأدى أيضا ببعض محل النجاسة مثل ما يتأدى فرض مسح الرأس ببعض المحل.
قال: وكذلك المسألة الثانية. فإن النجاسة الخارجة إنما كانت حدثا لأنها أوجبت تطهرا في نفسها.
ألا ترى: أنه يجب غسلها إذا سالت عن رأس الحرج كما وجب الغسل إذا سال البول عن رأس القضيب فلما ساوت النجاسة البول في إيجاب الحقيقة ساوت في الحكمية ولا يلزم النجاسة التي لم تسل لأنها تصير كالبول في إيجاب الطهارة في محلها فكذلك في غيره فيتبين بدلالة التأثير أنها لم تدخل تحت التعليل بل يزيد قولا بانعدام الحكم إذا انعدم دلالة التأثير.
وأما الحكم وبيان الدفع به فنحو قولنا: فيمن نذر صوم يوم النحر أنه يوم فلا يفسد النذر بالإضافة إليه قياسا على سائر الأيام ولا يلزم إذا نذرت المرأة صوم يوم حيضها لأن الفساد بالإضافة إلى الحيض والحيض صفة لها لا لليوم.
قال: وكذلك على قولنا: إن الغصب سبب ملك بدل أصل المال فيكون سببا لملك الأصل قياسا على البيع ولا يلزم المدبر لأنا عللنا لنجعل الغصب سبب ملك ولم نعلل لبيان المحل الذى يعمل فيه وفى المدبر الغصب سبب للملك إلا أن التدبير منع عمله كما لو باعه.
قال: وكذلك قولنا: إن الكتابة عقد يحتمل الفسخ فلا يوجب ما يمنع التكفير به كالإجارة ولا يلزم إذا أدى بعض البدل لأن المنافع أحد العوض عن العتق لا الكتابة وهو معنى قول أهل النظر إن العلة المنصوبة للجملة لا تنقض بالإفراد.
وأما الغرض بوجه الدفع به نحو قولنا: إن التأمين يخافت به لأنه ذكر ولا يلزم التكبيرات من الإمام لأن غرضنا أن يجعل كونه ذكرا علة بشرع المخافتة وإنما وجب الجهر لعلة أخرى وهى أنها شرعت إعلاما والعلة مع كونها علة قد يجب ضد حكمها بمعاوضه أخرى أولى منها.