للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالحج وعكسه الوضوء وهذا مما يقوى الاستدلال بالحكم ويدل أنه نظير حيث استويا طردا وعكسا وثبوتا وسقوطا.

وأما المعارضة بعلة أخرى فنوعان:

أحدهما: معارضة في حكم الفرع.

والآخر: معارضة في علة الأصل.

أما المعارضة في حكم الفرع فالصحيح في ذلك أنه إذا ذكر المعلل علة في إثبات حكم في الفرع أو نفى حكم فيعارض خصمه بعلة أخرى توجب ضد ما يوجب علة المعلل فتتعارض العلتان فيمتنعان في العمل إلا أن يترجح إحدى العلتين على الأخرى فحينئذ يعمل بالعلة الراجحة. وهذا المعارضة تجئ على كل علة يذكرها المعلل مثاله ما يقول في تكرار مسح الرأس١: إن هذا ركن في الوضوء فيسن تثليثه كغسل الوجه. فيعارض الخصم فيقول مسح الرأس [مسح] ٢ فلا يسن تثليثه كالمسح على الخفين٣.

وأما المعارضة في علة الأصل فهو أن يبين في ألصل علة سوى علة المعلل. وتكون تلك العلة معدومة في الفرع ويقول: إن الحكم ثبت بهذه العلة التي ذكرتها في الأصل لا بالعلة التي ذكرتها. مثاله ما يقول الحنفى في تبييت النية إن هذا صوم عين فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل٤. فيقال: ليس المعنى في الأصل ما ذكرت لكن المعنى في الأصل النفل بناء على السهولة والخفة فلما بنى أمر على الخفة والسهولة له جاز أداؤه بنية متأخرة عن الشروع بخلاف الفرض فإنه لم يبن على السهولة والخفة فلا يجوز بنية متأخرة وهذا هو الفرق الذى جعله كثير من فقهاء الفريقين أقوى سؤال وظنوه فقه المسألة وبه تمسك المناظر من فقهاء [غزنة] وكثير في بلاد خراسان زعموا أن الفقه هو الفرق والجمع وعند المحققين هذا ضعف سؤال يذكر وليس مما تتبين العلة التي نصبها المعلل بوجه لأن نهاية ما في الباب أن الفارق بين الفرع والأصل يدعى معنى في الأصل عدم ذلك المعنى في الفرع ولم يتعرض للمعنى الذى نصبه المعلل. ويجوز أن يكون الأصل معلولا بعلتين وكل علة موجبة للحكم بانفرادها ووجدت إحدى العلتين


١ وهو مذهب الشافعية انظر روضة الطالبين "١/٥٩".
٢ زيادة ليست بالأصل.
٣ وهو مذهب الأحناف انظر الهداية "١/١٤".
٤ انظر الهداية للميرغياني "١/١٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>