عن الفقراء وكان الضرب ثابتا في الشرع مسترسلا على الأقدار من غير اعتبار مقدار والذى قاله هذا القائل في الفصل لا بأس به ويجوز أن يعول عليه وهو كلام الأصحاب وقد قرره وأحسن تقريره وأورده بألفاظ حية فليؤخذ بها ثم ذكر في آخر كلامه سؤالا فأجاب عنه والسؤال. فإن قيل: إذا تعلق المتعلق بوجه شبه ونوقش فيه فكيف وجه تقريره فإن قال: المتعلق بالشبه أنه يفيد غلبة الظن ونوزع فيه كيف يبين وجه وجود غلبة الظن أجاب عن هذا السؤال وقال: لاشك أن غلبة الظن لا تحصل إلا مستندة إلى سبب يقتضيها ولابد من ذكره وبه يتميز الشبه من الطرد فالشبه مستند إلى مأخذين هما الأصل وبعدهما أمر ثالث ينبه عليه:
فأحدهما: جريانها على مقتضى الشبه وهذا كإلحاق اليسير بالكثير في الضرب على العاقلة والمستند فيه ضرب حصة الشركاء مع تناهيها في القلة وينضم إليه بطلان اعتبار المواساة المشروعة بسبب خيفة الإجحاف فيخرج بما ذكرناه أن ضرب العقل لا ينتهى إلى توقيف في قلة ولا كثرة وليس هذا المعنى مخيل مناسب ولكنه متلقى من أصل الوضع بالمسلك الذى ذكرناه.
والوجه الثانى: وهو الذى يدور عليه معظم الأشباه وهو أن يثبت معنى على الجملة في قصد الشارع ولا يدخل في الإمكان ضبطه بعبارة وهذا كعلمنا بأن الشارع قد أرش أكثر بنصف الدية بنسبة لها مخصوصة من الجملة فهذا مما نعلمه ونطلع عليه على الوجه الذى لأجله قدر النفس لهذا التقدير غير معلوم وإذا تمهد هذا كان اعتبار يعد العبد يد الحر شبها صحيحا فإن عنائد١ العبد من جملته كعنائد الحر من جملته فالشبه في هذا راجع إلى معنى معلوم من قصد الشارع ولكن لا سبيل إلى التنصيص عليه وإذا اتجه هذا النوع كان بالغا جدا مقدما.
قال: وأما الأمر الثالث: فهو اعتبار المقصود وهذا لا استقلال له إلا أن تضطر إلى التمسك بعلة للمنصوص عليه ومثال ذلك الأشياء الستة في الربا فلو هجم ناظر عليها ولم يتقدر عنده وجوب طلب علة أو علم للحكم لم يعثر على فقه قط ولا شبه. فإن قيل: الفقه مناسب حاز مطرد سليم على السبر والشبه يتلقى من أمثله أو تخيل معنى جمل والرأى لا يقضى بواحد منهما في نصب الطعم علما ولكن إذا ثبت طلب العلم وانحسم المعنى المستور والمجمل فلا وجه إلا أن يقال إذا لم يثبت الحكم لأعيان هذه
١ حمع عند وهو العرق إذا سال. انظر القاموس المحيط "١/٣١٥".