للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء ثبت لمعانيها ومعانيها هى المقصودة منها ثم ينصب على ذلك شاهدان أحدهما من قبل التمثيل وهو اختلاف الحكم باتحاد الجنس واختلافه والمقصود في الجنسين مختلف والكيل على وتيرة واحدة فدل هذا أن المقصود هو العلم على الحكم والشاهد الثانى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل" ١ فهذا معاندة الأشباه وإذا عرف هذا فلا حاجة إلى تكلف التمييز بينهما وبين الطرد.

واعلم أنا تكلمنا من قبل على فصل الشبه وبينا الموضع الذى يكون حجة فيه فليعتمد على ذلك وإذا قرر على هذا الوجه الذى بيناه فعلى القطع٢ نعلم وجود قوة الظن وأما رجوعه إلى مسألة الربا فلا أرى لذلك وجها وجعل الطعم علة بمجرد كونه مقصودا في المحل لا وجه له بحال اللهم إلا أن يقول هذا القائل: إن الطعم ليس بعلة لكنه علم منصوب على الحكم ويقال له من نصبه؟ وما الدليل على نصبه في هذا الحكم؟ وما الفصل بينه وبين من يقول: إنه منصوب على ضد هذا الحكم؟ إذ ليس من المناسبة في التحريم ما ليس له ذلك في التحليل وأما اختلاف الجنس لا يدل أن العلة هى الطعم وإنما يقول الخصم: إن الجنس مؤثر مثل الكيل في الحكم المنصوب له العلة فإذا عدم فات الحكم وأما عندنا فنحن نقول: إن الطعم علة مؤثرة بالوجه الذى بينا إلا أنه أباح الفضل عند اختلاف الجنس ووجود الطعم لأن الطعم عندنا علة والجنس محل أو شرط بالشرع والعلل يطلب تأثيرها فأما الشرط فلا يطلب له تأثير بدليل سائر الشروط فصار الطعم مؤثرا لأنه علة والجنس شرطا شرعيا غير مؤثر لأنه شرط محض وليس بعلة ولهذا قلنا لا يحرم النساء بانفراده لأن الشرط بانفراده لا عمل له قال هذا القائل: ونحن نختم هذا الفصل بمسألة يتعارض فيها شبهان فنقول اختلف العلماء في أن العبد هل يملك؟ ٣ ومأخذ الكلام فيه من طريق الشبه وأما من يقول إنه يملك فيشبهه بالحر فإن العبد خلق آدميا مختارا طلوبا لما يصلحه دفوعا لما يضره لبيبا أريبا فطنا وهو في هذا كالحر فهذا شبه خلقى غير عائد إلى الصور وإنما هو راجع إلى المعانى التي يتهيئ بها الإنسان لمطالبة ومأربه وأما من منع كونه مالكا شبهه بالبهائم من جهة أنه مسلوب


١ تقدم تخريجه.
٢ ثبت في الأصل هكذا "العع" ليس لها معنى ولعل الصواب ما أثبتناه.
٣ اعلم أن العبد لا يمكلك شيئا إذا لم يملكه سيده في قول عامة أهل العلم وقال أهل الظاهر: يملك انظر المغنى "٤/٢٥٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>