واحد فأما في تخريق الثوب وقتل البهيمة فليس في مقابلة التخريق بالتخريق وقتل الدابة بالدابة غرض صحيح لأن نهاية ما في الباب أنه يوجد بذلك إتلاف مال عليه وفى أخذ الضمان يوجد هذا مثل ما يوجد إذا أهلكنا ماله عليه فإنا إن قدرنا أنه يتلف عليه بهيمته بإتلافه عليه بهيمة أو قدرنا أنه خرق عليه ثوبا بإزاء ما خرق وعليه ثوبه فإنه لا يجوز أن يعرض بهائمه فيتلف عليه أى بهيمة شاء أو يخرق أى ثوب شاء بل ينبغى أن يخرق ثوبا مثل ثوبه أو يتلف بهيمة مثل بهيمته وإذا فعل ذلك كان ذلك في المعنى وأخذ الضمان سواء وأما القصاص ففيه إتلاف نفسه وإزهاق روحه ولا شك أن فيه معنى زائد على الدية وقد لا يبالى الإنسان بإعطاء الدية بقتل عدوه فإذا عرف أنه يقتل إذا قتل انكف عنه فهذا هو المعنى الصحيح والحكمة المعقولة الشرعية وعلى مثل هذا يكون المعول في هذا وأمثاله وأمثال هذه المعانى تكثر في الشرع وقد يكون نظير هذا إيجاب الكفارة في القتل فإن الله تعالى لما خلق ليعبدوه على ما نص عليه فإذا قتل إنسانا فهو بالقتل قد أبطل عليه معنى التعبد والتعبد من العبد لله تعالى مقصود كلى من العباد فصح بنا إيجاب الضمان على هذا المعنى الذى يليق به وليس ذلك إلا الكفارة بإعتاق رقبة إذا قدر عليها لأن العبد مسلوب النفس بالرق فكأنه هالك عن صفة الآدمية وقد قدم الله حق السادة على حقه في كثير من المواضع فأوجب الله على القاتل عتق رقبة على معنى أنه يزيل عنه صفة الرق فيكون قد أحيا نفسا بقدر الإمكان فأقامه مقام النفس التي أتلفها لتعبد الله مكانها فيكون قد أقام الله عبدا يعبده مكان العبد الذى أهلك فيها فبهذا الوجه يضمن حق الله وصار الضمان كضمان النفس بالدية أو القود فعلى هذا يستوى فيه القتل عمدا وخطا لأن حق الله في جهتى العمد والخطأ مثلما يكون حق الآمى مضمونا في الجهتين أيضا ويستوى في هذا أيضا قتل المسلم والكافر والحر والعبد والبالغ والصبى وينظر إلى أصل ما كان عليه الخلقه وقد خلق الكل في الأصل. ثم يتصل بهذا الفعل أن الواجب باسم الكفارة والكفارة اسم معنوى وهو التغطية فيكون واجبا لتغطية الذنب ومحوه والذنب متى صار مغطا ممحوا التحق المذنب بمن لم يذنب فصارت الكفارة كفارة بهذا المعنى ولا نقول: إنه عبادة لأنه ليس القصد منها التقرب إلى المعبود. ولا نقول: إنه عقوبة لأنه ليس فيها أخذ أو تنكيل والعقوبات هى ما يختص بصفة الأخذ أو التنكيل فكان شيئا غير العبادة والعقوبة وهى أنها كفارة ومعناها أنها ماحية للذنب