للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغطية له والشئ إذا أمحى ذهب ولم يبق وإذا غطى لم يبق له أثر وإذا كان كذلك استقام إيجابها على الكافر كما يستقيم إيجابها على المؤمن فهذا الذى ذكرناه وما يشبهه استدلالات حسنة ومعان بالغة مناسبة للأحكام المبنية عليها تعلق بقلب كل فقيه إن هذا هو المعنى الذى يبتنى عليه الحكم ومن هذا الباب أيضا ما نقول فيمن نفى وجوب الكفارة [بعيد بالوطء في الصوم] ١ وإيجابها بالوطء وهو أنا نقول: إن الجماع محظور الصوم والأكل والشرب مناف للصوم لأن الصوم عبادة كف عن قضاء شهوة٢ على خلاف النفس فينبغى أن يكون التعبد بالكف في زمان الفعل عبادة حتى يكون بخلاف هوى النفس فإنه إذا لم يكن زمان الفعل عادة لم يحصل الكف عبادة والنهار زمان الأكل والشرب عادة فكان الكف عنه في هذا الزمان عبادة تعم هو محظور العبادة لأن الحظر والتحريم للعبادة يكون متحققا في زمان الفعل عادة أو لا في زمان الفعل عادة وإذا ثبت أن الأكل والشرب مناف للصوم فيصير بفعله تاركا للصوم في المستقبل وترك الصوم لا يوجب الكفارة كتركه في الابتداء وأما الوطء لما كان محظور الصوم فيكون بالكف عن الأكل والشرب مقيما على فعل الصوم غير أنه يكون جانيا عليه بفعل المحظور وإيجاب الكفارة بفعل محظور الصوم لا يكون دليلا على إيجاب الكفارة بترك الصوم وانقطع إحدهما عن الآخر صورة ومعنى وبطل فهذا استدلالهم في إيجاب الكفارة في الوطء على إيجاب الكفارة في الأكل وهم يدعون على أنا أوجبنا الكفارة في الأكل والشرب بطريق الاستدلال لا بطريق القياس ومن وجوه الاستدلال ما نقوله في مسألة الاستيلاء فإن عندنا لا يملك الكفار ما استولوا عليه من أموال المسلمين بخلاف المسلمين إذا استولوا على أموال الكفار ملكوها.

وإنما قلنا: إن المسلمين يملكون أموال الكفار إذا استولوا عليها ويملكون رقابهم إذا أسروها لأن المشركين في معنى العبيد فإن حريتهم غير ثابتة ثبات تمكن واستقرار.

وأما أموالهم التي في أيديهم إنما هى للمسلمين وهى في أيديهم بمنزلة الغصب لأن الله إنما خلق الدنيا وما فيها من أصناف الأموال والقنيات لعبيده الذين يؤمنون به


١ هكذا ثبت في الأصل "وجوب الكفارة بالوطء في الصوم بعيد".
٢ الصوم لغة: الإمساك يقال: صام النهار إذا وقف سير الشمس انظر الصحاح "٥/١٩٧٠" لسان العرب "٤/٢٥٢٩" وشرعا: إمساك عن الفطر على وجه مخصوص انظر مغني المحتاج "١/٤٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>