للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا نصب على الظرف ونصب على المصدر وكذلك أهل العروض ميزوا بين الطويل والمديد والمتقارب.

قال محمد بن الحسن في كثير من المواضع: القياس كذا والاستحسان كذا وبالقياس نأخذ وأخذ في عامة المواضع بالاستحسان فعلم أنهما يستويان كدليلين متعارضين.

قال: فصار العمل بالاستحسان هو الممال بحكمه من الطريق الظاهر إلى الخفى بدليل شرعي لا بهوى التعيين فإنه كفر وإنما سموه بهذا الاسم لاستحسانهم ترك الظاهر بالخفي الذى ترجح عليه فلما كان العمل به مستحسنا شرعا سموا الدليل بهذا الاسم كان اسما مستعارا كاسم الصلاة والصوم وغير ذلك.

قال: ثم الاستحسان قد يكون نصا وقد يكون ضرورة وقد يكون إجماعا وقد يكون قياسا خفيا١.

أما النص فنحو قول أبى حنيفة في من أكل ناسيا لصومه: لولا قول الناسى لقلت يقضى القياس الظاهر بوجوب القضاء إلا أنى استحسنت تركه بنص خاص ورد فيه٢ وهذا لأن النص فوق الرأى فأستحسن ترك الرأى به.

وأما الإجماع فنحو جواز الاستصناع فإنه قد ظهر تعامل الأمة به قد بينا وحدثنا من غير تكبر والقياس أنه لا يجوز لأنه بيع معدوم.

قالوا: وأما الضرورة فنحو الحكم بطهارة الآبار والحياض بعد تنجسها٣ والقياس يأبى ذلك لأن الدلو ينجس لملاقاة الماء فلا يزال يعود وهو نجس فلا يمكن الحكم بطهارة الماء إلا أن الشرع حكم بالطهارة الضرورية لأنه لا يمكن غسل البئر ولا الحوض وإنما غاية ما يمكن هذا وهو نزح الماء النجس وحصول الماء الطاهر فيه فاستحسنوا ترك العمل بالقياس لأجل الضرورة والعجز فإن الله تعالى جعل العجز عذرا في سقوط العمل بكل خطاب وأما ترك القياس بدليل أخفى منه فهو مثل المتبايعين إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة بعينها في يد البائع لم تقبض لا يتحالفان قياسا لكن القول قول المشترى وفى الاستحسان يتحالفان لأن كل واحد منهما مدع ومدعا عليه


١ انظر فتح الغفار بشرح النار "٣/٣٠".
٢ انظر الهداية "١/١٣٢".
٣ وهو قول الحنفية انظر الهداية "١/٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>