لأن البائع يدعى على المشترى زيادة الثمن والمشترى ينكره وأما المشترى فيدعى على البائع وجوب تسليم السلعة عند أداء ما يدعيه من الثمن والبائع ينكره فأخذوا بدليل الاستحسان دون القياس لأن تأثيره أكثر وأخذ بالقياس في موضع آخر وهو إذا تلا آية السجدة في صلاته فركع في صلاته ينوب الركوع عن السجود قياسا لأن الواجب عليه عند قرآة السجدة الخشوع والخضوع لله تعالى وذلك يحصل بالركوع وفى الاستحسان لا ينوب لأن الواجب عليه السجود والركوع غير السجود ولا يعرف أنه مثله في الخضوع والخشوع بالقياس أخذوا لأن الواجب الخشوع والركوع خشوع تام مثل السجود بخلاف القياس لأنه ليس بخشوع تام ونحن أوردنا ما قالوه في الاستحسان لتعرف حقيقة مذهبهم.
ويقال لهم: إن كان الاستحسان هو الحكم بما يهجس في النفس ويستحسن في الطبع فلا شك أنه باطل والأحكام إنما تبنى على أدلة الشرع لا على الهواجس والشهوات وما يقع في الطباع وإن كان هو الحكم بأقوى الدليلين من كتاب أو سنة أو إجماع أقوى من قياس فلا معنى لتسميتهم ذلك استحسانا ولإن كان هذا النوع استحسانا فكل الشرع استحسان فلا معنى لتخصيص ذلك ببعض المواضع دون البعض.
واعلم أن مرجع الخلاف معهم في هذه المسألة إلى نفس التسمية فإن الاستحسان على الوجه الذي ظنه بعض أصحابنا من مذهبهم لا يقولون به والذى يقولونه لتفسير مذهبهم به العدول في الحكم من دليل إلى دليل هو أقوى منه وهذا لا ننكره لكن هذا الاسم لا نعرفه بآية ما١ لما يقال به لمثل هذا الدليل.
وقد قال بعضهم: إنه تخصيص قياس بدليل أقوى منه وهذا باطل لأنا لا نقول بتخصيص الأقيسة وقد أبطلناه من قبل.
وقال بعضهم: هو عدول عن قياس إلى قياس أقوى منه وهذا أيضا باطل لأنهم يسمون إذا عدلوا عن القياس إلى نص استحسانا أيضا.
وقال بعضهم: الاستحسان ترك طريقة الحكم إلى أخرى هى أولى منها ولولا ما يوجب الثبات على الأولى وحده أبو الحسن الكرخى من أصحابهم وقال: هو أن يعدل الإنسان عن أن يحكم في المسألة بمثل ما يحكم به في نظائرها لوجه هو أقوى من