للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان الغصب تكلمنا فيه. قال وعلى هذا يقول: إن شهود القصاص إذا رجعوا بعد ما قتل المشهود عليه بشهادتهم لا يضمنون الكفارة ولا يحرمون الإرث ويضمون الدية كالحافر سواء لأن المباشرة منهم بأداء الشهادة وقد انقضت بالفراغ عن الأداء ثم حكم الحاكم وما وجب به مضاف إليهم لأنهم ألزموا الحاكم ذلك إلا أن التلف الواقع بالحكم تلف حكمى والكفارة جزاء الإتلاف حقيقة وذلك بمباشرة الولى وهو فيه مختار غير ملجأ فنقصر فعله ولا ننتقل إلى الشهود فلا يلزمهم ضمان القتل حقيقة وكذلك الرجل تكون له امرأتان صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حتى بانتا فإن الزوج يغرم للصغيرة نصف الصداق ويرجع بما غرم على الكبيرة إن تعمدت الفساد ولا يرجع إن لم تتعمد الفساد١ لأن الرضعة مسببة للفرقة وليست بصاحبه علة كالحافر سواء لأن فعلها في التمكين من الارتفاع لا غير والفرقة تتعلق بوصول اللبن في الجوف وذلك إنما يحصل بارتضاع الصغيرة وهى مختارة في غير ذلك غير أن مص الصغيرة إنما يكون ارتضاعا ببقاء أثر فعل الكبيرة وهو بقاء الثدى في فمها بإلقام كان منها ابتداء إن كان الإلقام تعديا وإن لم يكن تعديا فكذلك البقاء وهو كالحفر سواء إذا لم يكن تعديا لم يكن وجوب نصف المهر على الزوج بتعد كان منها فلا يكون سبب ضمان لأن الوجوب لا يكون فوق التلف والتلف إذا لم يكن بتعد من الحافر لم يضمن فكذلك الوجوب هاهنا وعندنا الضمان إنما يجب لإيجاب المهر لا بإتلاف ملك النكاح فإنه غير متقوم عندنا ولو شهد الشهود بالفرقة بعد الدخول. ثم رجعوا لم يضمنوا شيئا ومتى كان البقاء تعديا وارتضاع الصغيرة مباحا أضيف الإيجاب إلى ما هو تعد فوجب الضمان على ما مر من الأسباب ووجود بعض ما يتم علته بانضمام معنى آخر إليه كأخذ شطرى البيع وأخذ وصفي علة الربا فهو من الأسباب المحضة لأن الحكم لا يجب ما لم تتم العلة وذكر أن البعض من العلة لا يكون له حكم العلة.

قال: وعلى هذا نقول: لا تجب صدقة الفطر عن نصف عبد٢ لأن علتها الرأس فلا يكون للبعض حكم العلة وكذلك الحفنة بالحفنة لا ربا فيها لأن العلة هى الكيل وهذا بعض ما يكال وليس بمكيل وذكر أمثالا لهذا قال: وأما السبب هو علة العلة


١ انظر الهداية "١/٢٤٦".
٢ فإذا كان عبد بين شريكين فلا يخرج أحدهما عنه انظر الهداية "١/١٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>