للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو السبب الموجب لأنه أوجب علة الحكم فمن حيث إنها لم توجب إلا بواسطة علة كانت سببا ومن حيث حدثت العلة الموجبة للحكم به أضيف الوجوب إليه صار موجبا ولهذا السبب حكم العلة من كل وجه لأن علة الحكم لما حدثت بالأولى صارت العلة الأخيرة مع حكمها الأول ومثاله الرمى المصيب القاتل فإنه سبب الموت لأن فعل الرمى ينقطع قبل الإصابة لكنه أوجب حركة في السهم وصل بها إلى الرمى وأوجب نقض بنيته ثم انتقاض البنية أحدث آلاما قتلته وكان الرمى سببا موجبا وله حكم حر الرقبة من كل وجه فصار الموت وسراية الآلام انتقاض البنية ونفوذ السهم إحكاما للرمى.

قال: وقلنا نحن: إن شراء القريب إعتاق١ ويجوز به التكفير لا سبب موجب للعتق لأن الشراء علة الملك والملك القريب علة العتق فكان الشراء علة علة العتق فكان له حكم العلة وصار الملك مع العتق حكمين للشراء.

قال: ولهذا قلنا: إن الحكم يضاف إلى آخر أوصاف العلة لأن ما مضى إنما يصير موجبا بالآخر ثم الحكم يجب بالكل فيصير الوصف الآخر كعلة العلة ومن هذه الجملة قطع حبل القنديل حتى يكسر وشق الزق حتى يسيل لأن قوامه بمسكته ومسكة القنديل بالحل ومسكة الدهن بالزق والقطع والشق علة مزيلة للمسكة وزوال المسكة علة التلف. قال: وأما السبب هو الذي علة فهو الموجب للحكم بنفسه في ثانى الحال بلا واسطة علة لكن الحكم في الحال لم يجب لعدم تمامه لا لعدم بعض ما هو علة بل لعدم وصف ما هو علة من حيث لم يوجب بنفسه حتى تم بوصفه كان سببا وطريقا إليه ومن حيث إن الحكم في الثاني يضاف إلى العلة دون وصفها لأن الأوصاف أتباع لم تكن سببا محضا بل كان سببا ابتداء وعلة انتهاء وهذا أرق وجوه الأسباب ومثاله النصاب فإنه سبب الوجوب وعلة إذا تم الحول٢ لأن الزكاة تجب بسبب الغنى والغنى في النصاب دون الحول ولما لم تجب الزكاة بالنصاب نفسه علم أن معه معنى آخر على القائم به وهو أنه يوصف بأنه حولى في ملكه لأن الشرع علق الزكاة قال: نام معنى والنمو لا تكون إلا مدة فشرط صفة التفاجؤ لا يستحق النمو فصار المال المرصد للنمو أصل العلة والحول وصفا فلم


١ انظر الهداية "٢/٣٣٥".
٢ انظر الهداية "١/١٠٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>