للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب لخروج الدابة١ وإنما جعلنا ذلك سببا لأن السبب ما يوصل إلى شئ ونحن نعلم قطعا أن فتح الباب موصل إلى الطيران وطيران الطير هلاك له في حق مالكه وكذلك في حفر بئر عمق المكان مبطل لاستمساكه على الأرض في حال سببه الذى هو مباح له وزوال المسكة في مثل هذه الصورة مهلكا له فصار بفتح الباب مهلكا للطير بهذا الوجه وبحفر البئر مهلك للواقع من هذا الوجه وضمان الهالك واجب على المهلك سواء أكان الواجب حق الله تعالى أو حق الآدمى وهذا لأن التسبب قتل لأنه لا يمكن مباشرة إزهاق الروح فيكون تحصيله بالتسبيب إليه إلا أن التسبب إذا قوى بأن يؤدى إلى الهلاك غالبا أوجب القود وإذا ضعف بأن لا يؤى إلى الهلاك غالبا أوجب الدية وكان المعنى فيه أن القود وجب لحكمة الزجر فإذا ضعف السبب استغنى عن الزجر فسقط القود وإذا قوى السبب افتقر إلى الزجر فوجب القود وإذا ثبت أنه قتل وجبت الكفارة به.

ببينة: أن بالاتفاق وجبت الدية لحق الآدمى وضمان المتلف لا يجب إلا بالإتلاف دل أن حفر البئر إذا اتصل به السقوط إتلاف وعلى هذا وجب القصاص على شهود القصاص إذا رجعوا لأنه سبب قوى يؤدى إلى التلف فصاروا متلفين.

والدليل على أن فعلهم إتلاف وجوب الدية عليهم قولهم إنهم قتلة حكما لا حقيقة. قلنا: إذا كانوا قاتلين فيكونون قاتلين حقيقه وإلا لم يكونوا قاتلين ثم نقول إنما صاروا قتلة بإتيانم هلاك الشخص حقا للمشهود له وإذا جعلوا هلاكه حقا فقد أهلكوت فهذا وجه قولنا: إنهم قتلة. ثم إذا صاروا قتلة فسواء صاروا قتله حكما أو حسيا بعد أن يستند إثبات قتلهم إلى فعل حسى يوجد منهم إسقاط إيجاب القود عليهم بذلك الفعل الحسى الذى أوجب نسبة القول إليهم وهذا كالرمى والجرح المؤدى إلى هلاكه وقولهم: إن الولى يختار القتل. قلنا: اختياره للقتل لم يمنع نسبة القتل إلى الشهود حكما فلا يمنع أيضا وجوب القود عليهم وهذا لأن جهة القتل في حق الولى والشهود مختلفة فالولي صار قاتلا بمباشرته جرحا أو حز رقبة والشهود إنما صاروا قتلة بجعلهم هلاك الرجل حقا للولى وإذا اختلفت الجهة لم تمنع اختيار الولى من نسبة القتل إلى الشهود وأما مسألة ولد الغصب فنحن قد ذكرنا أن الغصب إثبات اليد بعدوان على مال الغير وهذا القدر مستقل كاف في إيجاب الضمان ولا


١ انظر المهذب "١/٣٧٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>