نعتبر وراءه شيئا آخر وهذا لأن ما يستقل بإيجاب الضمان بنفسه إذا وجد فلا معنى لضم شئ آخر إليه وإثبات اليد على مال الغير مستقل بنفسه لإيجاب الضمان لأن إزالته اليد التي يشيرون إليها لا يراد لعينها وإنما يراد لإثبات اليد فإذا كانت الإزالة وصلة وذريعة لم يعتبر وجودها بعد أن وجد المقصود وتمام هذا في تلك المسألة.
وأما مسألة إرضاع الكبيرة الصغيرة فاعتبار وجود التعمد إلى الفساد بعد أن وجد الفساد بعيد عن مسالك الشرع والذى ذكر من قوله: إن الإلقام تعد فإثبات التعدى في إلقام الصبى الثدى متعذر إلا باعتبار إفساد النكاح متصل بهذا الفعل سواء تعمد الإفساد أم لم يتعمد وإذا اتصل الإفساد به وكانت المرأة المرضعة منشدة للنكاح فشرط قصدها التعمد أو عدم قصدها التعمد لا وجه له كالرمى فإنه لما كان تعديا بإصابته آدميا فبعد أن أصاب الآدمى وتحقق قتله باعتبار تعمده وعدم تعمده لا يكون له وجه الضمان في الحالين.
وأما الذى قاله في المرض وملك النصاب فهو تكلف شديد والحق يجب للورثة قطعا بعد الموت واستناد وجوب هذا الحق إلى ابتداء المرض غير ممكن لأنه إن كان المرض سبب الموت يضعف القوى فتركيب الآدمى على طباع مختلفة وأمشاج متباينة سبب للمرض وكل العلل فإن ثبوت الاعتدال في المتباينات عسر جدا فالتركيب المختلف آيل إلى الانتفاض كما أن الضعف آيل إلى الفناء ومن دخل في أمثال هذا فلا شك أنه ينقطع عليه ويبقى فهمه حسيرا في بعض المداخل وإنما المنع من التبدع فيما زاد على الثلث من قبل الشرع يجب للورثه من بعد لا لحق واجب لهم في الحال والدليل على هذا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس". فأشار في المنع إلى معنى بعد موته لا إلى أمر قائم في الحال.
وأما النصاب فهو موجب للزكاة عند اتصال صفة النماء به والنماء يتحقق بحول الحول فهو عندنا مثل اليمين التي سبق ذكرها واتصال الحول بالمال مثل اتصال الحنث باليمين وجواز التعجيل لتبوع نفع للفقراء لكن جواز هذا مع النفع بعد وجود السبب في نفسه وإن تأخر الوجوب لتأخر الصفة وكأن الشرع لم يلغ وجود السبب واعتبر ذلك فيما يتصل بنفع الفقراء من إخراج زكاة إليهم أو صرف عتق إلى عبيد أو إطعام مساكين ومحاويج ولهذا لم يجوز الصوم في الكفارة قبل الحنث لأنه ليس بمتصل بنفع أحد والأصل أن كل معنى يمكن اعتباره في حكم ورد به السمع فإنه يعتبر ولا