غير راجعة إلا إلى هذه الفائدة لم تجب المناظره بل يندب المتناظران إلى ذلك فحسب.
واحتج أبو زيد بهذا القول. وقال: إنه ممتنع في العقول لثبوته الحظر والإباحة والصوم والفطر حقين يلزم اعتقادهما في ساعة واحدة لأنه لا يمكن العمل بهما.
ألا ترى: أنه يمتنع ذلك في النصين فإن النصين إذا اختلفا وأباح أحدهما وحظر الآخر لم يجب العمل بهما بل يجب الوقفة إلى أن يظهر الرجحان لأحدهما ولأنه لو كان الحق حقوقا على ما قالوا لجاز للعامى الذى يعمل باتباع العلماء أن يختار من كل مذهب ما يهواه لنفسه كما أن الله تعالى لما أثبت الكفارة في باب اليمين أنواعا كان للعبد الخيار بينهما على ما يهواه بلا دليل من أباح هذا فقد شرع طريق الإباحة وبنى الدين على الهوى والله تعالى ما نهج الدين إلا على طريق غير الهوى من نص ثابت أو قياس شرعى على ما بينا وقرر هذا الكلام تقريرا طويلا والاعتماد على ما سبق من إجماع الصحابة والدليل الذى ذكرناه بذكر الحقيقة.
فأما الجواب: قلنا: أما تعلقهم بالاية وما ذكر من أحوال الصحابة وتصويب بعضهم بعضا فقد سبق الجواب عنه.
فأما قولهم: إنه لو كان الصواب في واحد من أقوال المجتهدين لوجب أن ينصب الله تعالى دليلا قاطعا عليه ليعدل إليه.
قلنا: قد دلنا الله تعالى على الحكم الذى كلفناه بدلالة قاطعة لأن الله تعالى قد كلفنا العمل بأقوى العلل وأولاها وقد جعل لنا طريقا نقطع معه بان أحد الظنين أولى أن يعلق الحكم به وإنه إذا وجد في الأصل والفرع يلزمنا الحكم به في الفرع ونعنى بالدلالة القاطعة الدليل الذى ذكرناه في وجوب استعمال القياس وقد بينا وجوه التأثير من قبل.
واعلم أنا إذا استنبطنا معنى من أصل وجدناه في الفرع يجب علينا أن يثبت مثل حكم الأصل في الفرع ونقطع أن الحكم في الفرع بهذه العلة لكن إذا ثبت أنه علة الأصل غير أنا لا نقطع بكونه علة الأصل وليس بممتنع أن يكون علمنا بكون العلة علة الحكم في الفرع يستند إلى ظننا أن العلة علة حكم الأصل لأنه لا يمتنع أن يقف العمل في الشئ على شرط مظنون كما علمنا لوجوب التحرير من مضرة مخصومة على الظن لنزولها بنا فيكون المعنى المستنبط علة الحكم ظنى وأما ثبوت