والقسم الثامن: أن يقصد بالقولين إبطال ما توسط منهما ويكون مذهبه منهما ما حكم به وفرع عليه مثل قوله في وضع الحوائج وقد قيدها مالك بوضع الثلث فقال الشافعى ليس إلا واحد من القولين إما أن يوضع جميعها أو لا يوضع شئ منها ومثل قوله في الجارية الموصى بها إذا ولدت أو وهب لها مال بعد موت الموصى قبل قبول الموصى له أنه لما جعل بعض العلماء ولدها وبعض ما وهب لها لورثة الموصى وبعضها الموصى له قال: ليس إلا واحد من القولين إما أن ملكها الموصى له بالموت فيكون قبل ذلك بحدوثه على ملكه وإما أن يملك بالقول فيكون كل ذلك للورثة بحدوثه على ملكهم وليس لتبعيضه وجه وهذا تحقيق يبطل به ما خالف القولين وليس فيها تغيير لأحد القولين وإن كل الحق لا يخرج لأحدهما فإن اقترن ما يدل على اختياره كان هو المذهب المضاف إليه دون الآخر وإن تجرد عن قرينه لم يضف إليه واحد من القولين وإن علم أن الحق لا يخرج منها لعدم ما عداهما.
والقسم التاسع: أن يذكر قولين مختلفين في مسألتين منفضتين فيذكر أحد القولين في إحدى المسألتين ويذكر القول الآخر في المسألة الثانية فيخرجها أصحابه على قوله وهذا على الإطلاق غلط لأنه إذا كان بين المسألتين فرق من وجه امتنع أن يكون قوله في واحدة من المسألتين إلا ما نص عليه فيها سواء ذكر الفرق أو لم يذكر وتخريجها على قولين خطأ وإن لم يكن بينهما فرق لم يخل قولان له من أن يكون في وقت أو في وقتين فإن كان في وقتين كان كما قال في مسألة بقول ثم قال بعده فيها بقول آخر فيكون على ما سنذكره وإن كان قال لها في وقت فيكون على ما نذكره في مسألة واحدة بقولين في حالة واحدة.
والقسم العاشر: ما اختلف قوله فيه لأنه أداه اجتهاده إلى أحدهما وقال إنما أداه اجتهاده إلى القول الآخر فعدل إليه وهذا غير مستنكر في الصحابة ومن بعدهم من علماء الأمصار لأنه أدل على مداومة الاجتهاد وإمعان النظر هذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه اختلف قوله في ميراث الأخوة مع الجد فأسقطهم في أول قولهم وأشركهم معه في آخره وحكم في المشركة في العام الأول بالتشريك وفى العام الثانى بإسقاط التشريك وقال تلك على ما قضينا وهذا على ما نقضى واختلف قول على بن أبى طالب رضى الله عنه في ميراث الجد على أقاويل.
وقال في بيع أمهات الأولاد اجتمع رأيه ورأى أبى بكر وعمر رضى الله عنهم على