للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاجتهاد وعلمه بحسبه ويكون بذلك مطيعا لله عز وجل وهذا لأن الله تعالى ما نصب الأمارة إلا وقد أراد من المجتهد أن يجتهد فيها وليس بعض المجتهدين بذلك أولى من البعض ولا يجوز إثبات بدل هذا التعليل الواجب إلا بدلالة عقلية أو سمعية ولا دليل يدل عليه فوجب نفيه واعتمد هذا الذى أوردنا كلامه وهذا بالدليل ثم ذكر احتجاج المخالفين في تقليد الصحابة بقول صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى" ١ وبقوله عليه السلام: "اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر" ٢ رضى الله عنهما.

وأجاب وقال: هذه أخبار آحاد لا يكون [....] ٣ العلم على أن أكثر هذه الأخبار خطاب مواجهة لمن كان في ذلك العصر فمن لم يكن صحابيا أن يتبع الصحابة ومن لم يكن صحابيا في ذلك العصر لم يكن من أهل الاجتهاد فجاز له التقليد وعلى انه يجوز أن يكون المراد به الأمر بالاقتداء بهم في رويتهم لأنه يقال لمن اتبع رواية غيره إنه اقتدى به أى اقتدى بروايته ثم قال: "اقتدوا باللذين من بعدى" وقوله: "عليكم بسنتى" وما يشبه هذه الألفاظ أمر والأمر للإيجاب وليس يجب التقليد إلا على العامى فدل أن المراد به هو العامى دون العالم.

وأما الدعاء الذى قاله لعمر وعلى فيجوز أن يكون ذلك في شىء مخصوص والدليل عليه أن سائر الصحابة اجتهدوا وأفتوا بما أدى إليه اجتهادهم ولم يرجعوا إلى قولهم معتقدين أن ما قالوه هو الحق والصواب دون غيره فإن قالوا: أليس أنه روى أن عمر رجع إلى قول على ومعاذ رضى الله عنهما حين قال له ذلك برأيه وأن سألهما عن وجه الحجة فدل أنه كان محض تقليد. قلنا: مجهول على التنبيه على وجه الدليل وحين ينبهان على ذلك ننتبه.

فقال ما قال لهذا المعنى ويجوز أنه خطر له وجه قولهما حين سمع كلامهما فرجع إلى ذلك لهذا ويكون على هذا عمله بعلمه واجتهاده لا بتقليدهما يبين ذلك أن الإنسان إذا تردد بين رأيين في الحدث ثم صمم على أحدهما فقال له قائل: ليس هذا بصواب إنما الصواب كذا وكذا فقال له: صدقت فهم الحاضرون أنه صدقه لأنه


١ تقدم تخريجه.
٢ تقدم تخريجه.
٣ بياض في الأصل بقدرثلاث كلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>