وأن يظنه من أهل الدين بما يرى من اجتماع الجماعات على سؤاله واستفتائه فيما يراه من سمات الستر والدين والأشبه أنه ليس للعامى أن يستفتى من يظنه غير عالم ولا متدين وإنما أخذ عليه ذلك [....] ١ الظن لأن ذلك القدر ممكن له وأما ما يجب على العامى إذا أفتاه أهل الاجتهاد هو أنهم إن اتفقوا يجب على المستفتى أن يصير إلى الفتوى التي اتفقوا عليها وإن اختلفوا وجب عليه الاجتهاد في أعلمهم وأدينهم لأن ذلك طريق قوة ظنه وهو ممكن له فجرى مجرى قوة ظن مجتهد في المسائل التي يجتهد فيها
وقد ذكرنا أن قوما من أصحابنا وغيرهم أسقطوا عنهم الاجتهاد لأن العلماء في كل عصر لم ينكروا على العامة ترك النظر في أحوال العلماء والأول أحسن فإن اجتهد واستوى عنده علمهم ودينهم كان مخيرا في الأخذ بأى أقاويلهم شاء فأيها اختاره وجب عليه كما بينا وإن كان عنده أن واحد من هؤلاء المفتين أدين فيجب عليه اتباع الأدين لأن الثقة تكون بقوله أقوى وكذلك إذا كان في ظنه أن أحدهما أعلم وجب عليه الأخذ بقول الأعلم لأن النفس إليه أسكن ويجرى التفاضل في العلم بمنزلة التفاضل في الدين وأما إذا كانا عالمين دينين وأحدهما أدين إلا أن أدينهما أنقصهما علما فإنه يحتمل أن يقال هما سواء والأولى أن يرجع قول الأعلم بزيادته فيما يعين على الاجتهاد والوقوف والصواب.
قال: ومثل هذا النظر لا يخفى على العوام فهو كتدبير أمور الدنيا لا يخفى عليهم فلا يسقط عنهم ونذكر مسألة تقليد العالم العالم. وقال: وإن اكثر الفقهاء منعوا من ذلك وذلك لأن الصحابة لم يقلد بعضهم بعضا بل ناظروا ولو جاز ذلك لفعلوا ولم يكن لمناظرتهم في المسائل فائدة وأيضا فإن المجتهد متمكن من الإجتهاد لتكامل الآلة فلم يجز مع تمكنه من العمل على اجتهاده أن يصير إلى قول غيره كما لم يجز أن يصير إلى قول غيره في العقليات لما تمكن من النظر والاستدلال عليها ولأن المجتهد لو أداه إلى خلاف قول عالم آخر وإن كان أعلم منه لا يجوز له بالاجماع ترك رأيه والأخذ بقول الأعلم فيجب أن يجوز له ذلك وإن لم يجتهد لأنه لا يأمن لو اجتهد أن يؤديه اجتهاده إلى خلاف ذلك القول.
قال: ولأن التقليد دون الاجتهاد فإذا تمكن من الاجتهاد لم يجز له العدول إلى ما دونه كما لا يجوز للمتمكن من العلم أن يعدل إلى الظن وأيضا فإن المجتهد متعبد