وخراجها بالإجماع وعليه الزكاة على قول أهل الحجاز واختلفوا فيما سقط عنه بعذر الصبى كما يسقط بعذر الحيض عن الحائض لا أنها ليست بأهل للإيجاب عليها فإن الصوم قد لزمها وهذا لأن الآدمى أهل الوجوب عليه بالذمة فمحل الوجوب هو الذمة.
يقال: وجب في ذمته كذا ولا يضاف الوجوب إلى غيرها والآدمى كما خلق خلق وله ذمة أترى أن الطفل إذا انقلب على مال إنسان فأتلفه يلزمه ضمانه بخلاف البهيمة وكذلك يلزمه مهر أمراته وسائر حقوق الناس وإنما عرف وجوهها بالشرع ولأن الذمة عبارة عن العهد فالله تعالى لما خلق الإنسان ليتحمل أمانته أكرمه بالعقل والذمة حتى صار أهلا لوجوب الحقوق له وعليه فثبت له حق العصمة والحرية والمالكية بأن حمل حقوقه وثبتت عليه حقوق الله تعالى التي سماها أمانة كما إذا عاهدنا الكفار وأعطيناهم الذمة ثبت لهم وعليهم حقوق المسلمين في الدنيا والآدمى لا يخلق إلا وله هذا العهد والذمة فلا يخلق الا وهو أهل لوجوب حقوق الشرع عليه كما لا يخلق إلا وهو حر مالك لحقوقه ولأن هذه الحقوق الشرعية التي تلزم الآدمى بعد البلوغ تجب بلا اختيار منه جبرا وشاء أو أبى وإذا لم يتعلق الوجوب عليه بتمييزه واختياره لم يفتقر الوجوب إلى قدرة العمل ولا قدرة التمييز.
ألا ترى: أن الصلاة تلزم النائم والمجنون على أصلنا إذا كان الجنون أقل من يوم وليلة ثم قال: لا يجوز أن يقال: إن وجوب الحقوق بالخطاب بل الوجوب بالأسباب التي جعلها الشرع أسبابا للوجوب وليس بالأمر والخطاب والأسباب هى ملك النصاب للزكاة والأراضى العشرية للعشر والأراضى الخراجية للخراج والبيت للحج والأوقات للصلوات وشهر رمضان للصوم والآيات الدالة على الله تعالى للإيمان والنكاح للمهر والشراء للثمن والقرابه للنفقة ويجوز ذلك ثم الخطاب بعد ذلك لطلب أداء الواجب بسببه نحو قولك لغيرك اشتريت عبدا بألف درهم فأد ثمنه فيكون وجوب الثمن في الذمة بالشراء لا بقولك أد الثمن. بل قولك أد الثمن طلب للخروج عن الواجب بالأداء إلى مستحقه فكذا قول الله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥] أي: ليؤد الواجب عليه بشهود الشهر وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}[البقرة: ٤٣] أي: أدوا ما يلزمكم بأوقاتها وهذه الأسباب قائمة في حق البالغ والصبى على السواء فلا ينبغى أن يقع الفرق بينهما في صحة الوجوب فعلمنا أن سقوط ما سقط عن الصبى كان بعذر يسقط بمثله بعد البلوغ تيسيرا علينا لأنه ليس بأهل له وإنما يفارق الصبى الذى لا يعقل