الصلاة ولا يؤاخذ إذا مات قبل الأداء ويثاب وهذا لأن الإيجاب شرعا بنى على ظاهر الحال لا على ما يكون في الغيب ولظاهر الحال كل صبى ممن يرجى منه الأداء أرأيت طفلا له أرض عشرية ولا ولى له أليس يلزمه العشر أو الخراج إن كانت خراجيه وإن مات قبل أن يلى عليه أحدا ويقدر بنفسه وكم من بالغ يلزمه حقوق الله تعالى ثم لا يقدر على الأداء فيسقط عنه.
فإن قيل: قد قال النبى صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يحتلم" ١ الخبر قلنا: رفع القلم لا يدل على رفع الوجوب في الذمة وإنما يدل على سقوط أداء الوجوب لأن القلم للحاسب والحساب على ترك ما عليه من الأداء لا على الوجوب في ذمة فإن الواجب إذا تأجل لم يؤاخذ العبد به والوجوب قائم ألا ترى: أنه قرنه بالنائم والنائم يلزمه الصلاة في ذمته ولا يلزمه الأداء حتى يستيقظ فكذلك الصبى هذا كلامه في هذا الفصل أوردته على الوجه.
واعلم أن هذا الفصل الذى زعمه وهو أن وجوب العبادات لا يكون بالخطاب بل إنما يكون بالأسباب قد بينا من قبل أن هذا خطأ عظيم وإنما الوجوب بالأمر والأوقات المذكورة علامات وأمارات للوجود وذكرنا الدليل على ذلك بأوضح مما يكون فلا معنى للإعادة.
فإن قالوا: نحن نقول إن الموجب هو الله تعالى لكن بهذه الأسباب لأن هذه الأسباب مجعولة أسبابا من قبل الله تعالى. قلنا: إذا اعترفتم أن الأسباب من قبل الله تعالى فيكون الأمر أدل على الإيجاب من السبب فيكون إحالة الإيجاب عليه اولى من إحالته على السبب وهذا لأن أمر الرب تبارك وتعالى مؤثر في الإيجاب على العبد لأن للموالى أن يستعملوا عبيدهم في أوامرهم فإما وقت يمضى ومكان يتغير وبيت يبنى ولا يعرف لهذه الأشياء تأثير في إيجاب شئ على أحد والذى ذكر من كون الذمة محل الوجوب.
قلنا: بلى ولكن بالأمر والخطاب لا غير.
وقولهم: إن الأمر بالصلاة إنما يقتضى الأداء فحسب.
قلنا: يقتضى الأداء ويقدم الوجوب كما بنيا في أمر السيد وعبده وإذا ثبت أن
١ أخرجه أبو داود: الحدود "٤/١٣٩" ح "٤٤٠٣" والدارمي: الحدود "٢/٢٢٥" ح "٢٢٩٦" وأحمد: المسند "١/١٧٥" ح "١١٨٧".