الأداء يلزم دون الصبى إذا صار الإسلام مشروعا وجوبه حقا لله تعالى على الصبى لأنه يحتمل غير ذلك وكذلك وجوب حرمة الردة لا يحتمل غير ذلك فاستوى فيه الصبى والبالغ فصح ذلك في الصبى كما يصح منه الإسلام إلا أنه لا يلزمه الجزاء المشروع في الدنيا على الردة لأن الجزاء المتعجل في الدنيا يحتمل أن لا يكون مشروعا على أن القتل في حق المرتد مشروع لصيرورته حربيا كافرا حتى لا تقتل المرأة لأنها ليست في أهل الحرب والصبى بمنزلتها وأما حرمان الإرث وفساد النكاح فليس بجزاء فعل الردة لا محالة فإنهما يثبتان بالكفر الأصلى.
فإن قيل: أليس أن الصبى يؤدب إذا أساء فعله.
قلنا: التأديب لا يقام جزاء على ما مضى بل تقويما في المستقبل. ألا ترى: أن الدابة تراض وتقوم تقويما وإصلاحا وتسوية الأخلاق بمنزلة الدواء لطلب الشفاء وبمنزلة الحجامة. فإن قيل: أليس يسترق الصبى وأنه عقوبة شرع جزاء للكفر. قلنا: الاستيلاء على المباح شرع سببا للملك كما في حق الصيود وأهل الحرب ما بهم عصمة فلا يكون ملكهم بسبب الاستيلاء عقوبة كما في حق البهائم وإنما لم يملك عندهم بالاستيلاء العصمة ثبتت لهم من الله تعالى كرامة فيكون زوال العصمة بالكفر حقيقة أو تبعا لأبوية بمنزلة زوال نعمة فلا يكون يكون عقوبة واجبة على [....] ١ زوال الصحة والحياة وسائر الكرامات.
قالوا: وأما صدقة الفطر فتجب على الأب بسبب ولايته على رأس الصبى ومؤنته كما تجب على المولى بسبب رأس العبد حتى أوجبنا في العبد الكافر وأما جواز الأداء من مال الصبى فلأن وجوبها وجوب المؤنة عن رأسه والمؤنة تتأدى بولية جبرية كالخراج والعشر ولأنه شبهة لا في هذه المسألة وقد خالف محمد أستاذه فيه فأما العشر فمؤنة الأرض كالخراج ولهذا لا يجتمعان وإذا كان العشر في حقوق الله تعالى صح تأدية بولاية جبرية على ما عليه الحق صح أخذ القاضى من البالغ كرها ولا يكون لمن أخذ منه ثواب فعل العبادة وإنما يكون له ثواب ذهاب ماله في وجه الله تعالى بمنزلة ثواب المصاب. فأما إذا كان الحق لله تعالى صار الأصل فيه الفعل فإن العبادة فيه اسم للفعل ولا بد أن يكون فعله على وجه الاختيار ليثاب عليه ولا يجوز بدون فعل منه على اختياره. قال: ولهذا لا يجوز للسلطان أن يأخذ الزكاة من صاحبها كرها كما يأخذ