قال: ولهذا قلنا إنه لا يؤخذ من تركته بعد موته بدون الوصية بخلاف العشر وسائر حقوق الناس فصار المعنى الذى اعتبره الخصم للفرق بين المالى والبدنى حال عجز الصبى عن الأداء بنفسه معتبرا في حقوق غير الله تعالى والمالى بينهما يلزم الصبى دون البدنى. فأما الذى يجب لله تعالى فالمالى والبدنى فيه سواء وسقط عن الصبى ما يحتمل السقوط ولا يسقط عنه ما لا يحتمل وأما الأداء ساقط في الأحوال كلها هذا كلامه في هذا الفصل.
ونحن نقول: إن أصل هذا الكلام مبنى على مسألة الأسباب وقد سبق الكلام عليه وقد اشتمل كلامه الذى ذكره على مسائل منها مسألة زكاة الصبى وهو جعل حرفه في سقوط الزكاة عن الصبى دعواه أن الزكاة عبادة والعبادة لا تتأدى إلا بولاية اختيارية ولا تتأدى بولاية جبرية ويدخل عليه صدقة الفطر والعشر فإنهما عبادتان ومع ذلك قد تأدتا بولاية جبرية من غير اختيار أو علم يوجد لمن عليه وعذرهم عن المسلمين في نهاية الضعف لأنه إذا قال في صدقة الفطر أنها تجب على الولى لا الصبى فينبغى أن لا يجوز إعطاؤها من مال الصبى.
والذى ذكر أن محمدا لا يجوز وقد خالف أستاذه فهذا ليس بجواب والإلزام على أبى حنيفة وهو أستاذهم الكبير فحين يضيق بهم الخناق لا يترك لهم ترك مذهبه.
وأما العشر فلازم أيضا.
والذى قالوا: إنه مؤنة الأرض.
فيقال أيضا: إن الزكاة مؤنة المال والعشر مثل زكاة سائر الأموال لأنه زكاة وزكاه وكل دليل كون سائر أنواع الزكاة عبادة فكذلك يدل على كون العشر عباده.
وعلى الجملة لا يتضح لهم فرق صحيح بين صدقة الفطر والعشر وزكاة المواشى هذا على أصلهم وأما على أصلنا فنقول: إن هذه الحقوق حقوق الفقراء وهى لهم ومعنى العبادة تبع فيكون حكمه مثل سائر حقوق بنى آدم وهذا فصل قد أحكمناه في الخلافيات ودللنا عليه بدلائل معتمدة وعلى أنا إن قلنا: إن الزكاة عبادة فيستقيم إيجابها على الصبيان والمجانين لأنها وإن كانت عبادة لكنها مالية والنيابة فبها جارية وكما يقوم فعل الولى مقام فعل الصبى فيقوم اختياره مقام اختيار الصبى وهذا لأن العبادة في الفعل لا في الاختيار الذى زعموه ومع ذلك صح إقامة فعل النائب مقام فعل من عليه وكان