على قولين في هذه المسألة فقال بعضهم يجب الإيمان بالفعل.
وقال بعضهم: يجب بالسمع ولم يعرف قول ثالث والذى قالوه إحداث قول ثالث في هذا أنه وجب بالآيات والعلامات فيكون خلافا للأمة فلا يسلم لقائله ذلك ثم ذكر فصلا في حيز صحة عبارات الصبى شرعا وقال لا خلاف أن عباراته فاسدة قبل أن يعقل ويميز لأن الكلام وضع للتمييز بين السمعيات ولن يتصور ذلك إلا بعد المعرفة عن عقل ولهذا لم يتعلق بكلام النائم والمجنون والمغمى عليه حكم ولا خلاف أنه إذا ميز وعقل يصح كلامه حتى إذا قال: أنا جائع سمع منه وأطعم وكذلك إذا دعا ربه أثيب عليه ويصح أذكاره في صلاته كما لو كان بالغا وإنما اختلفوا فيما أفسد عليه شرعا نظرا ورحمة كما لا يصح منه فرض العبادات نظرا له.
قال علماؤنا: عباراته في الأصل صحيحة لا فيما يضره ويتوهم لحوق الضرر به.
وقال الشافعي رحمه الله: عباراته فاسدة شرعا فيما صار موليا عليه فيها فأما فيما لم يصر فثابت له إلا أن الشرع حجره عن الاستيفاء نظرا له حتى لا يخدع كما سقط عنه الفرض نظرا له فلم يثبت الحجر فيما يتمحض نفعا كما لم ينعدم الشرع في حق نوافل العبادات التي تتمحض نفعا فعلى هذا لا يصح قبول هبة منه لأنه مولى عليه فيها وهى نفع محض لأن الملك يزول إلى خلف له وهو الثواب وإذا وقعت الفرقة بين الأبوين وقد بلغ سبع سنين خير وعمل باختياره أيهما اختاره لأنه يعرف الذى هو أرق له وأعطف عليه وهذا الاختيار نفع محض والشرع لم يجعله موليا عليه فيه.
وقال: لا تصح عباراته في البيع لا لنفسه ولا لغيره لأنه مولى عليه فيها ولا يصح طلاقه وإقراره لأنه ضرر.
قال: ولعلمائنا أن كون الإنسان فاسد العبارة من أعظم النقصان لأنه امتاز عن غيره من سائر الحيوانات بصحة العبارات حتى قيل إن المرء بالتعزية بقلبه ولسانه. وقيل: لسان الفتى نصف ونصف فؤداه فلا يجوز أن نفسد على الصبى بعد إصابته شرط الصحة إلا على سبيل النظر له وذلك في دفع ما يتعلق به في المضار عنه وإذا ثبت هذا الأصل.
قلنا: لا ضرر عليه في صحة قبول الهبة والصدقة والوصية فيصح كما قال الخصم في صحة وصيته بالصدقة.
وأما قوله: إن كونه موليا عليه ينافى ثبوت الولاية له فليس كذلك لما مر في باب حقوق الله تعالى.