قال: فلا يصح هبته ولا صدقته لأنها من المضار وكذلك بعد الموت لا يصح أيضا لما بينا وكذلك لا يصح اختياره في الحضانة لأنه يتضرر بين ضر ونفع ولربما يختار الذى يضره لعاقبة أمره بل يميل إليه لا محالة لأن طبعه ينفر عمن يؤدبه ويحمله على التخلق بآداب الشرع والمروءة ويميل إلى من يدعه للهو وارتكاب الهوى فكانت عبارته في هذا الباب كعبارته في باب التجارة التي تتردد بين ضر ونفع فلا يجب العمل بها.
وقال علماؤنا: يصح إسلامه لأنه نفع محض فإن العصمة في الدارين بحق الإسلام وكرامات الآدميين كلها لحق الدين ولا شك أن الخير فيه فوق ما في نوافل العبادات.
فإن قيل: ولربما يبتنى عليه حرمان الإرث وفساد النكاح.
قلنا: لا عبرة لهذه الزوائد التي ليست من أحكام أصل الدين بل تثبت بواسطة أخرى وحالة يتفق بدلائل تفسد إسلامه وإن تعلق به الإرث وصحة النكاح نحو أن كانت أسلمت امرأة الصبى الكافر وعمه مسلم لا وارث للعم غيره فإنه بالإسلام يعصم نكاحه ويرث عمه وعلى أن حرمة النكاح والإرث حرمة تثبيت مضافة إلى كفر الكافر منهما على ما بينا في موضعهما.
قال: وتنعقد التصرفات كلها بعباراته كما تنعقد بعبارة البالغ وينفذ إذا كان وكيلا عن أهلها لأنه لا ضرر عليه في انعقاد التصرف نحو الوكالة لأنه لا عهدة تلزمه ونفس فساد العبارة ضرر على مابينا فلا تثبيت الحجة في حقها.
وإذا ثبت أنها تصح في حال الغير بإذن الولى صحت كذلك في حال نفسه بإذن الولى من طريق الأولى لأنهما لا يفترقان إلا فيما يلزمه إذا كان في ماله وهذا اللزوم جعل من الصالح إذا حضره رأى الولى بدليل أن الولى لو فعله بنفسه أو أمر به غيره صح وما أثبت له ذلك إلا مصلحة للمولى عليه نظرا له وقد مر أن الفساد لا يجوز أن يثبت من طريق أنه مولى عليه بل لما جعل موليا عليه لماله من النفع في تصرف الولى عليه بذلك ولا ضرر في صحة عبارته في ماله وكان النظر آن يكون صحيح العبارة مع ثبوت الولاية للمولى ليثبت له نفعها من طريقين فثبت أن ما قلناه أولى الوجهين.
فإن قيل لو شهد الصبى لم تقبل١ وكانت العبارة فاسدة وإن لم يلزمه بها حكم.
قلنا: العبارة صحيحة ولكن مع هذا لا يكون حجة على غيره كما لو شهد العبد أو شهد الكافر على مسلم وهذا لأن الشهادة بمنزلة الولاية على غيره وإنما يتعلق بكمال الحال