للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ولاية مع صحة العبارة هذا كلامه في هذا الفصل وهذا الفصل أكثر كلام فيه يتصل بتصرفات الصبى وقد وضع هذا الرجل لأصحابنا كلاما وتكلم عليه ونحن قد بينا هذه المسألة في خلافيات الفروع وذكرنا طريق سلب أهلية التصرفات وكان اعتمادنا في ذلك على نقصان عقل الصبى واعتمدنا على ثبوت النظر له من قبل الشرع ومن النظر له أخراجه عن أهلية التصرفات الدائرة بين النفع والضر حتى يكمل عقله ويعلم خيره من شره ونفعه من ضره على التمام وقد ذكرنا تقرير هذا بحيث يشفى الصدور ويزيل الإشكال.

وأما كونه موليا عليه في هذه التصرفات فهو كلام حسن لكن ليس بما يستدل ابتداء في هذه المسألة ولكنه يدخل في أثناء الكلام لتقرير الكلام والله أعلم.

ثم ذكر فصلا في حين لزوم ما يتجدد بالشرع من الأحكام. قال: حكم الشرع إنما يلزم بعد بلوغنا إيانا لما مر أن الله تعالى لم يكلف نفسا إلا وسعها ولا وسع إلا بعد العلم فسقط أصلا ضرر ما يحتمل النسخ لقصور الخطاب دفعا للحرج كما سقط بالصبا وقد روى أن أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد ما حول القبلة إلى الكعبة فأتاهم آت وهم في الصلاة فأخبرهم أن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا كهيئتهم ولم ينكرها عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم١ وقد شرب جماعة الخمر بعد التحريم قبل العلم به فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] وهذا فصل لا خلاف فيه ثم البلوغ نوعان حقيقة إسماع وحلم لشيوع في قومه فإن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتبليغ الناس القرآن كافة وما أمكنه التبليغ إلى كافة الناس وإنما بلغ أكابر كل قوم في جماعتهم وكان مؤديا بذلك حكم الأمر فيكون الأمر بقدر الوسع وعلى سبيل لا حرج فيه ولأن الخطاب متى شاع أمكن كل إنسان العمل به متى لم يقصر في الحجة من قومه وإذا لم يطلب حتى جهل كان بتقصير منه ولم يصر ذلك الجهل له عذر أو صار كأنه علم ثم لم يعمل. ألا ترى أن الواحد منا لو لم يعلم الشرائع وجهلها لم يعذر ويلزمه كلها لشيوعها في دار الإسلام وكذلك الذى إذا أسلم وهو لم يعلم بالصلاة لزمته ولو أسلم الحربى في دار الحرب ولم يعلم بها لم يلزمه قضاء ما فات منها لأن الخطاب غير شائع فيها. قال: وهذا كما قال علماؤنا فيمن أذن


١ أخرجه البخاري: الصلاة "١/٦٠٣" ح "٤٠٣" ومسلم: المساجد "١/٣٧٥" ح "١٣/٥٢٦" بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>