للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا اللفظ بصيغته لا يكون أمرا بالطهارة وستر العورة لأن هذه الشرائط لها صيغ موضوعة واختلاف الصيغ يدل على اختلاف المسوغ له.

ألا ترى أن صيغة غير الصلاة لا تجعل صيغة لها وصيغة الصلاة لا تجعل صيغة لغيرها واعلم أن لا ننكر أن الصلاة مقتضية للطهارة بالدلالة وإنما ننكر أن تكون من حيث الصيغة مقتضية وهذا لأن المأمور كما لا يستغنى عن الشرائط التى يقف صحة الأداء عليها لا تستغنى عن وقت الأداء ثم الأمر بالشيء لا يدل على الوقت بصيغته وإنما يدل عليه من حيث الضرورة كذلك الشرائط.

فإن قال قائل لما صارت الأسباب من ضرورة فعل الصلاة حتى لا يسمى الفعل صلاة إلا بها كان التنصيص على الصلاة تنصيصا على أسبابها كما كان تنصيصا على أفعالها وأبعاضها.

قلنا أبعاض الصلاة كلها صلاة فيجوز أن نطلق عليها اسم الصلاة والطهارة ليست بصلاة.

ألا ترى أن المصلى لا يجوز له استعمال الطهارة فدل أنها غيرها وأما أفعال الصلاة نفس الصلاة والشيء الواحد يتوقف أوله على أخره ولا ننكر اشتمال الإسم الواحد على جميعه وإنما أنكرنا ذلك فى شيئين مختلفين وقد قال أصحابنا أن الصلاة بصيغتها تدل على الدعاء فقط وما زاد على الدعاء ثبت بالدلائل الشرعية لا من طريق الصيغة واعلم أن ما لا يمكن امتثال المأمور إلا به يلزمه من حكم الدلالة حكم الدلالة إذا كان من كسبه نحو الطهارة وغيرها من شرائط الصلاة وكالسعى إلى الجمعة وقطع المسافة فى الحج وهما أمران لا أمر واحد وأن كان أداء أحدهما لا يتم إلا بأداء الآخر إلا ترى أنه قد يلزمه الحج بلا قطع مسافة ولا ملك زاد وصورة الخطاب فى الموضعين واحدة وأما ما لا يتم إلا بكسب غيره نحو حضور غير الجمعة حتى يصح غير جمعة فلا يكون هو مخاطبا به وإنما يخاطب بفعل نفسه وهو الحضور وأن كان حضور غيره شرطا فى الأداء إلا أنه قد يخاطب بإحداث فعل غيره بقدر ما يتأنى منه كالإمام يلزمه الحضور وإحضار الناس للجمعة ويلزمه الخروج وإخراج الناس للجهاد ويلزمه أيضا تحصيل الماء لإجراء الطهارة وستر العورة لأدائها واعلم أن هذه الأشياء وأن لزم الإنسان بحضوره العبادات وأنه لا يلزمه تحصيل المال لأداء الزكاة وقد كان يجوز ورود الشرع به إلا أن الله تعالى وضع ذلك عن العباد رحمة وأما إذا لم يمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>