للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أداء الواجب إلا بأداء ما ليس بواجب هل يصير ذلك واجبا أم لا مثل إمساك جميع النهار لا يمكن إلا بإمساك جزء من الليل وكذلك ستر العورة لا يمكن إلا بستر ما ليس بعورة وغسل جميع العضو لا يمكن إلا بغسل ما ليس من ذلك العضو وكذلك ممن وجب عليه الطهارة ولا يمكنه فعلها إلا بشراء الرشاء واستقاء الماء فالواجب فى هذه المواضع كلها ما علق بها الوجوب فى الشرع.

إلا إنما لا يتأتى أداء الواجب إلا به صار واجبا للتوصل إلى أداء الواجب لا لأنه واجب مقصود بنفسه.

وأما اكتساب المال لاستطاعة الحج واكتساب المال لأداء الزكاة لا يجب لأن ذلك شرط الوجوب دون الفعل ولا يجب عليه أن يفعل ما تجب به العبادة عليه.

وأما فى سائر المواضع فالعبادات واجبة إلا أن لفعلها شرطا لا يمكنه ذلك الفعل إلا به فيجب عليه ذلك ليتوصل به إلى الفعل ومن هذا الفصل إذا زاد على مقدار الواجب زيادة يتأدى الواجب بدونها مثل أن يطيل الركوع أو القراءة.

فالأولى على هذا المذهب أن الزيادة على ما يتناوله الاسم من مقدار الواجب نفل.

وحكى عن بعضهم أن الكل فرض وإنما قلنا أن الزيادة نفل لأنه قضى حق الاسم لما أتى من المأمور بما انطلق عليه بالاسم فكان بالزيادة مستقلا كما لو أدى الفرض مرة ثم أعاد فإن الثانى يكون نفلا.

يدل عليه أنه لو ترك الزيادة لا إلى بدل فإنه لا يأثم وهذا من حد النفل ولا ينظر إلى أن اسم الصلاة يتناول أول الفعل وآخره لأن اسم الصلاة يتناول فرضها ونفلها ثم يختلفان فى الصفة ولا نقول أن من قال لغيره تصدق من مالى أنه لا يتقدر بل يتقدر بأقل ما ينطلق عليه اسم الصدقة واعلم أن الذى قلناه فى المأمورات وهو أنه إذا كان لا يتأتى أداء الواجب إلا بأداء ما ليس بواجب قد يكون مثله فى الكف عن المحضور وهو إذا لم يكن الكف عن المحظور إلا بالكف عما ليس بمحظور وذلك إذا اختلط النجس بالطاهر نحو الدم أو البول يقع فى الماء القليل فيجب الكف عن استعماله ثم اختلفوا فى كيفية التحريم فمنهم من قال يصير كله نجسا وهو اللائق بمذهبنا١ ومنهم من قال إنما حرم الكل لتعذر الإقدام على تناول المباح لاختلاط المحرم به فإنه لا يكاد يستعمل جزءا من الطاهر إلا وقد استعمل جزءا من النجس وهذا.


١وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد وأحمد وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه انظر شرح المهذب ١/١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>