ورأينا فضل الأمير على طور تحلي الحكمة، وتوقظ الراقد، وتنبه الغافل من هاته الأمة، فتكشف عنها كل ملمة، فعلمنا أن لا بد من مساعدته في هذه المهمة، فرفعنا إليه الصحيفة التي هي لسان حالنا لتنوب لديه عن لسان مقالنا، أمل الحصول على القبول شأن الأمير في معاملة من أمة، ورجاء، ورود الجواب بما يراه في أمر هذه الخدمة، في تشريفنا بذلك رأيه العالي مسددًا، وأمره الكريم مؤيدًا إن شاء الله".
وهذه الرسالة تكاد تكون في غرض عام، لا رسالة إخوانية؛ لأنه يرفع الصحيفة إليه، ذاكرًا الحوافز التي دعته إلى إصدار الصحيفة، وهي وجود الخلافات بين أفراد الأمة، ووجود الفوارق بين الطبقات، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -إلى غير ذلك من الأمور التي جاءت في رسالته، ونرى أنه يكثر من حل الآيات القرآنية على طريقة ضياء الدين بن الأثير، فتزيد من رونق كلامه، ورأيناه يسجع أحيانًا ويزاوج أحيانًا، مع ظهور عاطفته قوية؛ لأنه يتحدث في موضوع وطني، وكان أديب كما عرفنا يشتعل حماسة في كل ما يمس الوطن، أو يتصل بشئونه.
ومن رسائله الإخوانية ما كتبه لعبد السلام المويلحي حين انقطعت عنه رسائله:
"لولا دلالة القلب على صفاء الوفاء، وهداية النفس إلى بقاء الإخاء لغالبت الشوق في استطلاع أخبارك منك، ووقفت عن شكوى هجرك إليك مخافة إملالك بما أنت غني عنه، وكراهة إعناتك بما أنت زاهد فيه، ولكني عهدت بين جنبيك قلبًا لا يحوله تغير الأحوال ولا يبدله كرور الأيام والأحوال، فأنا مخاطبه بما يمليه الشوق على رضيت أم غضبت، وسكت أم أجبت.
أي قلب من نحب ونكرم، ونجل ونعظم، لقد اتصلنا منك بأسباب المودة، واعتقلنا منك بأهداب الصداقة، فهل أنت ذاكر معاهدنا بذات الوفاء ليالي هجرنا الرقاد إليك، وقصرنا الوداد إليك، أو رضيناك من الدنيا نصيبًا، واخترناك من العالمين حبيبًا، وكيف لا؟ وقد لازمك الصفاء وصافاك الوفاء، فصفوت على