المعاذير، وينحو باللوم الشديد على الذئب البشري الذي افترسها، إما؛ لأنه أكرمها على ما كانت تتأبى عليه، أو خدها ومناها ثم خاس في عهده، وتركها بعد أن قضى منها لبانته، ولهذا كان المنفلوطي من أنصار الحجاب الصفيق حفاظًا على المرأة، وحماية للفضيلة.
ويقول المنفلوطي في مقدمة النظرات مبينًا بعض الأسباب التي دعته إلى الخوض في هذه الموضوعات:"رأيت الترائي بالرذيلة حتى ادعاها لنفسه، ونحلها إياها من لا يتخلق بها طلبًا لرضا الناس عنه برضاه عنها، ورأيت البراءة من الفضيلة حتى فر بها صاحبها من وجوه الساخرين به، والناقمين عليه فرار العاري بسوأته، والموسوم بخزيته".
وإذا كان المنفلوطي قد خانه التوفيق في معالجة بعض الأدوء الاجتماعية لفرط حماسته، وضحالة دراسته، واصطناعه الأسلوب الخطابي والتهويل والمبالغة، فقد كانت ثمة مقالات بلغ فيها من العظة وقوة التأثير أمدًا بعيدًا، وقد حاول فيها تشخيص بعض آفاتنا الاجتماعية، والحملة عليها من ذلك تزويج الفتيات الصغيرات بمن يكبروهن في السن طمعًا في مال أو جاه من غير اعتبار لفارق السن أو قسوة المعاملة أو عدم التكافؤ، وكإهمال الرجل تربية أولادهم، وتسكعهم على المقاهي وقوارع الطرق، فيفسد البيت وينحرف الأولاد.