للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يفتح كل منهم في كل موطئ قدم من مدنهم وقراهم حانًا يسلب فيه عقولهم، أو مقمرًا يسرق فيه أموالهم، أو مأخورًا يهتم فيه أعراضهم، فلا يطاردونه، ولا يحاربونه، ولا يسمونه دخيلًا ولا واغلا؟ ".

إنها مقالة مستأنية، ساق فيها الحجج الدامغة ليبرهن على علو مكانة جورجي زيدان، وسابغ فضله، وعظم أياديه على العلم والأدب والبحث، على الرغم من حقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، وجهل الجاهلين.

ورثى المنفلوطي شبابه حين بلغ الأربعين، وكأنما أحس أنه يخطو إلى الموت سريعًا، وكان يتخوف هذا الموت؛ لأنه قادم على عالم مجهول لا يعلم فيه كيف يكون حظه، وكان شديد العاطفة في ذكرياته لشبابه الذي مضى على الرغم من أنه لم يتمتع فيه "بمتعة من المتع، ولا بلذة من الملاذ، ولا نلت في عهدك مأربًا من مآرب المجد والجاه، ولكني كنت أؤمل وأرجو، وبذلك الأمل كنت أعيش، وتحت ظلال ذلك الرجاء كنت أهنأ وأنعم".

والمنفلوطي على العموم سريع العبرة، شديد الإحساس، قوي العاطفة، وتجذبه المواقف الحزينة إليها جذبًا شديدًا ولنا وإلى هذه الظاهرة عودة عند الحديث عن أسلوبه وخصائصه.

<<  <   >  >>