للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من صفة الجنسية العربية التي جعل الأمم أحجارًا في بنائها، والدهر على تقادمه كأنه أحد بناتها".

ونرى طه حسين قبل أن يسافر إلى باريس في طلب العلم يكتب مقالًا بعنوان "النقد" يتحدث فيه عن حقيقته وأثره في الأمم، وشروطه، ومضار الغلو فيه، والمازني يكتب مقالات بعنوان "مقالات في الأدب" ضمنها أبحاثا جادة في كيف يكتب الكاتب، وينظم الشاعر، وما سر الفصاحة، وأساس البلاغة، وما الأسلوب والتخيل معتمدًا في أفكاره على ينابيع الثقافة الغربية، ويكتب العقاد مذكرات "إبليس"، وهي مجموعة من الرسائل الانتقادية الضافية تناولت الأخلاق والاجتماع والأدب بأسلوب خيالي، تصور فيه إبليس يمشي في شوارع القاهرة يكيد للناس على اختلاف أنواعهم ويوقعهم في حبائله".

وهكذا ابتدأت الأقلام الشابة تنمو على صفحات "البيان"، وتشتد، وتحدد اتجاهها الذي صار سمة لكل منها فيما بعد، ومن الطريف أن الخلاف دب بين كتابها في أليق الأساليب الأدبية، فترى هيكل يعيب مجلة "البيان" وكتابها حين يصطنعون فخامة التراكيب، ويعدلون عن مذاهب السهولة إلى جفوة الأعراب وخشونة اهل البادية، ويرد عليه المازني قائلًا: "إن كان ظني صادقًا، وكان قد غاب ذلك عنك، فاعلم، وأنت المجرب العارف، والعوان لا تعلم الخمرة أن ما تدعوننا إليه لا يقدمنا خطوة، وإن كان يؤخرنا عشرًا؛ لأن من الناس العالم والجاهل، والكاتب لا يستطع أن يولج المعنى أفهامهم على السواء مهما تبذل في أساليبه، وتسفل في تراكيبه".

ويناصر لطفي السيد هيكل، وينضم البرقوقي والرافعي للمازني، وقد أجمعوا على أن اللغة يجب ألا تقف جامدة، بل يجب أن تمد بأساليب القوة، وتعريب المصطلحات الحديثة، كما يجب أن تتخفف من فخامتها.

ومن المجلات التي عنيت بالثقافة الأجنبية بعامة والأدبية منها بخاصة "السفور"، وقد ظهر العدد الأول منها في ٢١ من مايو ١٩١٥، وفيها كتب طه حسين، وهيكل، ومصطفى عبد الرزاق، وأحمد ضيف، وأحمد زكي أبو شادي،

<<  <   >  >>