الفن الرفيع، والأزمة مكنت للأدب الرخيص، والأمة من خداع الباطل في لبس من الأمر، لا تميز ما تأخذ مما تدع".
وذكر هدفها بأنها "تقاوم طغيان السياسة بصقل الطبع، وبهرج الأدب بتثقيف الذوق، وحيرة الأمة بتوضيح الطريق"، وأمان وسيلتها ومنهجها، فربط القديم بالحديث، ووصل الشرق بالغرب.
وقد استطاعت الرسالة في مدى سنوات معدودة أن تتبوأ مكانة سامية في العالم العربي كله، وتشرق على صفحاتها أقلام كبار الكتاب في شتى أقطار العروبة، فكانت من أقوى العوامل لهذا الامتزاج الفكري، والذوق الأدبي، وربط المشاعر على أهداف متقاربة، وقد أولت قضايا العروبة والإسلام عناية فائقة، وكانت لها أعداد ممتازة في عيد الهجرة تحتفل بالمقالات الضافية التي تعرض الإسلام عرضًا جديدًا، وتدفع عن حوزته، وترد الضالين عن هداه إلى الصواب.
ولم تغفل الثقافة الغربية، فكثر فيها الشعر المترجم، والقصص المنقول عن أدب الغرب إلى أن صدرت أختها "الرواية" فتفرعت لهذا النوع واستقلت به، كما كان بها باب ثابت للعلوم والفنون.
وسنخص صاحبها بدراسة لأدبه إن شاء الله، حيث كان صاحب مدرسة قلمية، له أتباعه ومقلدوه، وكان أميل إلى المحافظة منه إلى التجديد.
ثم ظهرت "الثقافة" في "٣ من يناير ١٩٣٩"، لأحمد أمين رئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر، وقد جاء في كلمته التي افتتح بها العدد الأول تحت عنوان لماذا تصدر المجلة: "في الشرق كنوز لا يفنيها الإنفاق، من أدب أو علم عربي وفارسي وهندي وغيرها جار عليه الزمن فدفن بعضها فهي في حاجة إلى أيدي عاملة، وعقول راجحة، ونفوس قوية تضع الخطط المحكمة للعثور عليها، واستخراجها من مكامنها.
وفي الغرب علم زاخر وأدب وافر حالت بيننا وبينه حوائل، فهو مكتوب بلغة غير لغتنا، ويتأثر ببيئة اجتماعية غير بيئتنا، ويعرض لمشاكل قد تختلف في