للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نقلت عشرات القصص القصيرة والقصائد الغربية إلى الأدب العربي، ومع هذا فكان هيكل على الرغم من نزعته ونزعة صحيفته نحو التجديد يسير باتزان، ويرى أنه: "إذا لم يكن من الممكن مقاومة الحضارة الغربية في غزوها الشرق، فواجب العمل أن يكون هذا الغزو وما يتركه من آثار منبهًا لقوى الحضارة الثابتة الأصول في الشرق كي تنشط من جديد ليستعيد الشرق قوة الحياة، ويجد في المزيد منها، وعندي أن استعارة حضارة بحذافيرها لننقل إلى أمة ذات حضارة تختلف عنها وهم باطل، ذلك أن حضارة أي أمة من الأمم يجب أن تتفق مع طبيعتها ومع تاريخها، ومع قوانين الوراثة فيها.

وظهر البلاغ الأسبوعي "٢٦ من نوفمبر ١٩٢٦"، وأشرف عليه العقاد، وكان ينافس السياسة الأسبوعية، ويمثل أكثر ما يمثل الثقافة الإنجليزية، والغربية، ويقول عبد القادر حمزة في مستهل السنة الرابعة منه إن البلاغ الأسبوعي: "ظل ينقل إلى مصر خلاصة الحركة العلمية والأدبية والفنية الدائرة في الغرب، ويهدي إلى تراثنا ما تنتجه أقلام الكتاب وعقول المفكرين في أوروبا وأمريكا، فكان بهذا مرآة للمدنية الغربية الحديثة، ولكنه كان وهو يؤدي هذه المهمة يحرص على القومية المصرية أكبر الحرص، ويجمع إلى منتجات الأفكار الغربية، ثمار العقول المصرية أو يسعى لأن يكون صلة بين الماضي والحاضر، وقد تجد في عدد واحد منه وليكن العدد الخامس: صورًا أخلاقية لتوم براي، وأشهر علماء العصر "توماس أديسون"، والضعفاء والأقوياء للسير فرانسيس غالتون، والآراء والمعتقدات لجستاف لوبون في ساعات بين الكتب التي كان يحررها العقاد. إلخ.

ومن المجلات التي ارتفعت بالمقالة الأدبية إلى ذروتها، وكانت ذات أثر بالغ في نهضتنا الأدبية المعاصرة مجلة الرسالة لأحمد حسن الزيات "١٥ من يناير سنة ١٩٢٣"، وقد أصدرها بعد تردد طويل، ويقول في مستهل العدد الأول منها معللًا هذا التردد، موضحًا منهجها، محددًا هدفها: "ما سلط علينا هذا التردد إلا نذر تشاع وأمثال تروى، وكلها تصورالصحافة الأدبية في مصر سبيلًا ضلت صواها، وكثرت صرعاها، فلم يوف أحد منها على الغاية، والعلة أن السياسة طغت على

<<  <   >  >>