من ينابيع الثقافة الغربية، لقد حاول البستاني تنبيه قومه إلى ما هم فيه من جمود فكري، وأدبي لعلهم يستيقظون من سباتهم بقوله:
"إن العرب في أيامنا هذه قنوعون جدا في أمر الأدب، فإنهم يكتفون بأقله، ويحسبون أنفسهم أنهم قد وصلوا إلى أعلى طبقات العلم، مع أنهم لم يقرعوا بابه، فمن تعلم منهم كتاب الزبور أو القرآن يقال أنه ختم عليه، وإذا تعلم شيئًا من النحو والصرف يقال عنه إنه علامة زمانه، وإذا نطق بشعر فلا يبقى عندهم لقب يصفونه به، وما ذاك إلا؛ لأن ظهور نور قليل في العاقل كاف، لأن يغشى على عيني الجاهل".
ونخلص من هذا العرض الموجز لحال الأدب، واللغة في العراق والشام، ومصر إلى أن النهضة في مصر سبقت سواها من أقطار العروبة، وشبت وقويت. وأخذت اللغة تنمو وتزدهر، يرفدها تياران قويان أحدهما عربي قديم نشأ من إحياء التراث العربي ونشر ذخائره، والعكوف على دراسته والإفادة منه، فنضح على ألسنتهم وأقلامهم بيانا قويًا، ولغة سليمة، وثانيهما تيار الثقافة الغربية
يجلب معه موضوعات جيدة، وأفكارًا حديثة وكلمات تحيا أو تعرب، فتقوى اللغة، وتشتد وتحاول أن تجاري حضارتنا وتنهض بثقافتنا.