للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربية، وسلمها مع كثير من الكتب العربية القديمة للمطبعة المعتبرة الموجودة في بولاق من الإقليم المصري، فخرج منها كتب شتى في اللغة والطب والطبعات، والتاريخ وهلم جرا، فزين لغته العربية بكامل الفنون والصنائع من العربية والإفرنجية، وعسى أن يحذو أنجاله، وحفدته حذوه في هذا الأمر".

ونرى من هذا النص أن البستاني كان واقفًا على مدى ما تحتاجه اللغة العربية من إصلاح، وما أصابها من ضعف، وما قام به محمد علي، ورجاله في سبيل تنميتها، وبث روح الحياة في أوصالها بنقل علوم الغرب إليها.

ونرى كذلك أن البستاني في هذه المقالة قد اصطنع الأسلوب المرسل غير المسجوع، وآثر السهولة في التعبير، وكان من دعاة هذا الأسلوب، ونعى على هؤلاء المتحذلقين الذين يتمسكون بأسلوب الحريري المسجوع، أو الذين ينقبون في المعاجم جريا وراء كلمة غريبة: "ولكن إذا وجد قوم من أصحاب الغنى، والخطر يلذ لهم الفحص عن الأمور القديمة، والتفتيش عن المواد السالفة، ويقصدون ذلك بالذات، فلنترك لهم الحرية التامة في هذا الأمر، وتكلفهم المحافظة على اللغة القديمة، ولندع تكأكؤ الأعرابي وأساجيع الحريري، وفيروز باديات الفيروزبادي موضوعات لتأملاتهم الدائمة، ودرسهم الأبدي"، ولعله كان يائسًا من أهل جيله؛ لأنه ذكر بعد هذا قوله: "والظاهر أن هذا لإصلاح محفوظ للأجيال المستقبلة".

ومع سلامة عبارته في مجملها إلا أنها لم تخل من الأخطاء اللغوية، والنحوية فاستخدم واسطة وصحتها وساطة، وأدخل باء الإبدال على المأخوذ لا على المتروك كما هي القاعدة في قوله: "وإماتة لغة أمهم بواسطة إبدالهم كلماتها المأنوسة بكلمات أجبية نافرة ولم يخل أسلوبه كذلك من الركاكة كقوله: "وعلى أنه كما أن الناس تحتاج إلى الناس كذلك اللغات ... " إلخ.

ومع وجود المترسلين أمثال البستاني في لبنان، فإن الموضوعات التي طرقوها لم تكن جديدة، ولم تعمل على إثراء اللغة، والأفكار، والصور ولم يزودوها بشيء

<<  <   >  >>