حديثه من يسامره ... إلخ، ويحييها كذلك صالح مجدي تلميذ رفاعة بقوله:"من المعلوم أن راحة الأرواح تتنسم بها الأرواح، وتترنم بها في المساء والصباح، وتضيء كأنها مشكاة في مصباح١، وهي مطالعة الأخبار الدالة على الآثار المصرية، وعن أحوال التمدن المنشور العلم بلسان بفضل ألف قلم ... إلخ".
أما الخبر الذي يصف حادثًا داخليًا، فقد كان مسجوعًا غالبًا لأمد طويل، مثال ذلك ما جاء في العدد الرابع سنة ١٨٦٥:"إن أناسًا من اللئام، سفلة الأنام، ارتضوا بالخزي وارتكاب الآثام، فاستبدلوا الاشتغال بأنواع الكسب الحلال بالاشتغال بالحرام والعار، والدوران في القرى والأمصار، وكلما صادفوا أناسًا على فطرتهم وحسن نياتهم، تحيلوا على اصطيادهم بتحيلاتهم، وعملوا طرق الخديعة، والختل في سلب أموالهم بعد سلب عقولهم، بإحدى المغيبات المشهورة بين الناس بالتاتورة، فيضعونها في شيء من المأكولات، ويطعمونها أصحاب العقول الناقصة بدون شعور، وبعد الحصول على ما معهم يفرون".
وعلى هذا المنوال كان يصاغ الخبر الخارجي المترجم سواء كان سياسيًا، أو غير سياسي، ولم يكن يخلو من الكلمات الأعجمية الكثيرة، ولكنه أخذ يتخلص من السجع تدريجيًا حتى توارى بعد عام تقريبًا، وإن ظلت الكلمات الدخيلة تأتي على أقلام الكتاب إلى أن تولى تحريرها الشيخ محمد عبده سنة ١٨٨٠، فخلصها من هذه الآفة، وجعل السيادة للفصحى، فساعد بذلك على تثبيت الكلمات المترجمة في الأذهان، وإشاعتها بين المثقفين.
وكانت الوقائع تتحرك أول الأمر من نشر القصص والحكايات، وتعيبها بأنها "خرافيات قصص لا تفصح إلا عن عي بأقل وعي ناقل، مما يمجه السمع، ويأباه الطبع، من أساليب ملفقة، وأكاذيب منمقة".
١ يضطرهم السجع إلى ترديد عبارات محفوظة خالية من الفكرة، والعاطفة.