للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوائب:

ولكنها رأت "الجوائب" تعني بهذا النوع فقلدتها، وأخذت تنشر أقصوصات رمزية، أو ذات مغزى جاء معظمها مسجوعًا مترجمًا.

ومن الألوان الأدبية التي زوجتها الوقائع، واحتفت بها تلك المقالات والخطب التي كانت تلقى في الحفلات المدرسية والحفلات العامة، ويدبجها من عرفوا بالأدب في ذياك الوقت، وقد كانت كلها على أسلوب المقامة وطريقها.

أما المقالات العلمية الخالصة، فقد اهتمت بها اهتمامًا زائدًا من مثل "حجر الفتيلة" لرفاعه، "والهيضة" للطبيب محمد الشافعي، وله مقال آخر عن "التبغ ومضاره"، وكانت هذه المقالات تختلف في أسلوبها قوة، وضعفًا تبعًا لتمكن الكاتب من اللغة، ولكن الظاهرة الغالبة عليها هي محاولتها التخلص من السجع والزخرف لغلبة الحقائق العلمية، واهتمام الكاتب بإيراد المعنى كاملًا.

ومما كان له أثر في ترويج الثقافة، وتوسيع الأفكار وإثرائها مما نضج على الأقلام والألسنة فيما بعد، وأمدها بكثير من المعلومات القيمة، نشر الكتب المفيدة مسلسلة سواء كانت أدبية أو علمية، ولا يخفى ما كان لهذا العمل من خدمة للغة، ونشرت الوقائع كذلك أخبار الرحلات والكشوف، والسياحات فوصلت المثقفين بالعالم الخارجي، وأثرت معلوماتهم، وأطلعتهم على ألوان من الحياة لا عهد لهم بها.

ولقد كان لكل هذا أثره المباشر، أو غير المباشر في تغير نظرة الأدباء إلى الحياة، فتغير أسلوب تفكيرهم، وتغيرت تبعًا لذلك طريقة كتابتهم، فتحررت الصحافة اليومية من ذلك الأسلوب المكبل بتلك القيود الثقيلة التي كانت ترزح تحتها الكتابة سواء كانت صحفية، أو غير صحفية.

ولقد كان لصدور "الجوائب" لأحمد فارس الشدياق في سنة ١٨٦١ أثر في هذا الانطلاق والتحرر؛ لأن الجوائب اصطنعت الأسلوب المرسل في الأخبار الصحفية، والمقالات، واتسعت آفاق النثر إتساعًا كبيرًا نظرًا لثقافة الشدياق

<<  <   >  >>