الصورة اللائقة بها، كأن كل معنى قد خلق له، وله قوة في حل ما يعضل منها كأنه سلطان شديد البطش، فنظرة منه تفكك عقدها، وكل موضوع يلقى إليه يدخل للبحث فيه كأنه صنع يديه، فيأتي على أطرافه، ويحيط بجميع أكنافه، ويكشف ستر الغموض عنه، فيظهر المستور منه، وإذا تكلم في الفنون حكم فيها حكم الواضعين لها، ثم له في باب الشعريات قدرة على الاختراع، كأن ذهنه عالم الصنع والإبداع".
أفاد جمال الدين النثر فائدة جليلة بإرشاد تلاميذه إلى التحرر من القيود الثقيلة التي كانت ترسف فيها الكتابة الإنشائية، مما أفسد المعنى، وستر الأفكار عن الموضوع والجلاء، كما أرشدهم إلى تجنب المقدمات الطويلة التي ترهق الكاتب، والقارئ بدون طائل، وطبعي أن يصرفهم إلى الاهتمام بالمعاني؛ لأن النثر المقيد لا يتسع لهذه المعاني الجديدة العميقة، ولا يستطيع الإفصاح عنها بوضوح.