للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك جمعية لنشر المخطوطات العربية القديمة منها تفسير الفخر الرازي، ومعاهد التنصيص، وخزانة الأدب، ومقامات الحريري وسواها.

وإذا كان الطابع العام للنهضة في عهد محمد علي علميًا، فقد سار إسماعيل على نهجه أول الأمر، بيد أن أن التحكم في الميول والمواهب، وتوجيهها قسرا إلى ما تصدف عنه ولا ترغب فيه أمر عسير، ولذلك ما لبثت هذه المواهب الأدبية التي نهلت من الثقافة الغربية أن حاولت الإفصاح عن نفسها، وعن ميولها، فابتدأت الترجمة عن الأدب الغربي إلى الأدب العربي تزداد وتتنوع، بل إن بعض بذور الأدب الحديث بدأت تنمو في هذه العهد، حين أخذ المصريون يشعرون بأنفسهم، ورسالتهم في نهضة بلادهم بعيدًا عن سيطرة الدولة.

ومن أوائل الذين عنوا بنقل بعض الآثار الأدبية إلى اللغة العربية رفاعة الطهطاوي من ذلك: كتاب الأب "فينلون" عن مغامرات "تليماك"، وقد ترجمه

رفاعة أيام أن كان منفيًا في السودان، ونشره عقب عودته إلى مصر باسم "مواقع الأفلاك في وقائع تليماك"، ويعد هذا الكتاب أول محاولة لنقل القصة

الغربية إلى العربية، بل نقل الأدب الأسطوري الخرافي اليوناني إلى الفكر العربي، وترجم كذلك رثاء "فولتير" للويس الرابع عشر، كما ألف أو ترجم كتاب "تعريب الأمثال في تأديب الأطفال"، وترجم نشيد المارسيليز، "ووضع عدة أناشيد شعرية تفيض حماسة ووطنية ينشدها الجنود، وكان هذا لونًا لا عهد للشعر العربي به من قبل.

وعني إسماعيل بالمسرح، فأنشأ "ألأوبرا"، واستقدم لها الفرق الأجنبية، وشجع المسرح العربي الذي أنشاه يعقوب بن صنوع الذي عرف فيما بعد باسم "أبي نضارة"، وأخذ هذا يترجم لمسرحه كثيرًا من الروايات الأجنبية، وكان إسماعيل يشهد مسرحه، ويغدق عليه الأموال ويسميه "موليير مصر" كما شجع المسرح الذي أنشأه سليم نقاش، وأديب إسحاق بالإسكندرية أولًا ثم بالقاهرة، وقد مثلت عليه كذلك مسرحيات غربية عديدة نقلت إلى العربية، فكان لهذا

أثره في الاتصال بالفكر الغربي، وألوان أدبه.

<<  <   >  >>