للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الذين نشطوا في عالم الترجمة، وزودوا اللغة العربية ببعض الآثار الغربية محمد عثمان جلال، فنقل إلى العربية أمثال "لافوتين"، وسماها "العيون اليواقظ" كما ترجم بعض روايات "موليير" الهزلية: "الأربع روايات من نخب التياترات، ومنها رواية "ترتوف"، وسماها "الشيخ متلوف" ومنها "النساء العالمات"، وترجم كذلك بعض روايات "راسين"، وسماها "الروايات المفيدة في علم التراجيدة"، وترجم بجانب هذه المسرحيات قصة "بول وفرجيني" للكتاب الفرنسي "برناردين دي سان بيير" وسماها "الأماني والمنة في حديث قبول وورد جنة".

وأسهم كثير من السوريين الذين هاجروا إلى مصر في الترجمة، وكان من أشهرهم نجيب الحداد، وبشارة شديد وطانيوس عبده، وبهذا أخذ تيار الثقافة الغربية يشتد ويقوى، ويؤثر في الفكر العربي الحديث على مر الأيام.

وفي عهد إسماعيل كذلك وفد إلى مصر السيد جمال الدين الأفغاني، والتف حوله نخبة ممتازة من المفكرين المصريين، وكان جمال الدين الأفغاني قد طوف في البلاد الإسلامية عله يجد قطرًا يصلح أن يكون نواة يلتف حولها العالم الإسلامي، ويعيد للإسلام قوته ومجده، وقد رأى في مصر التربة الصالحة، وأخذ في أول أمره يدعو إلى الإصلاح الديني، ثم ما لبث أن رأى الأحوال السياسية في مصر تتجه اتجاهًا سيئًا نتيجة إسراف إسماعيل، واستدانته وتراكم الديون على مصر مما يسر للإنجليز والفرنسيين التدخل في شئونها، ولا سيما بعد أن باع أسهم مصر في قناة السويس لإنجلترا، وأنشئ صندوق الدين، ووضعت رقابة ثنائية أجنبية على الوزارة المصرية، وأخذ إسماعيل يرهق الفلاحين بالضرائب العديدة التي بلغت تسعة أنواع، مما جعل الفلاح يفر من أرضه هربًا من الضرائب، ومن السياط التي كان يتلقاها حين يعجز عن أداء ما عليه، وأخذ التجار كذلك يحتفظون بأموالهم دون أن يستغلوها خوفًا من الحكومة، وقد وصف البارودي تلك الحالة السيئية بقوله:

وأهمل الأرض جرا الظلم حارثها ... وأمسك المال خوف العدم تاجره

<<  <   >  >>