للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: الاستعانة بغير الله لها حالتان:

الأولى: الاستعانة الجائزة: وهي أن يستعين به في أمرٍ يقدر عليه، كأن تستعين بحي حاضر في أمرٍ يقدر عليه، كرفع المتاع، ومساعدة محتاج ونحوه، فهذا جائز، فعن أبي هريرة أن النبي قال: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (١).

ثم إن كانت هذه الاستعانة على بر وخير فهي جائزة، والمُعين مثاب على إحسانه، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: ٢)، وإن كانت على إثمٍ فهي حرام، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: ٢).

الثانية: الاستعانة الممنوعة، وتحتها صورتان:

١. الاستعانةُ بالحي في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله: كأن يستعين بمخلوقٍ حيٍ على الرزق، أو على تفريج الكرب، ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، وهو شرك بالله تعالى، لأن هذه الأشياء لا يقدر عليها إلا الله، فطلبها من غيره سبحانه إشراك به، وهو ما استعان بهم إلا لاعتقاده أن لهم تصرفاً في الكون.

٢. الاستعانة بالأموات: فهذه استعانة محرمة لا تجوز، وهي شرك أكبر، لأنها استعانة بمن لا يقدر على دفعٍ ولا نفعٍ، وطلبُ العونِ منهم ما وقع إلا لأنه اعتقد أن لهم تدبيراً وتصريفاً في الكون، وهذا الأمر مما اختص به الله.

إنما الاستعانة المطلوبة من المؤمن أن يتعبد لله بها هي الاستعانة التي تتضمن ذلاً وخضوعاً واعتماداً على الله سبحانه.

المسألة الخامسة: الاستعانة بالله تكون في أمرين:

١. الأمور الدينية. ٢. الأمور الدنيوية.


(١) أخرجه «مسلم» (٢٦٩٩).

<<  <   >  >>