للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد، لأن الله شهد به بنفسه، وأشهد عليه خواص خلقه، والشهادةُ لا تكون إلا عن علمٍ ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر، ففيه دليلٌ على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة فليس من أولي العلم» (١).

المسألة الرابعة: حينما أراد المؤلف أن يذكر التفسير الذي يوضح (لا إله إلا الله) لم يذكر كلاماً من عنده فإن هذا قد يعترض عليه بأن يقال: هذا فهمك، ولكنه جاء بآيتين من القرآن يتبين فيهما معنى الشهادة، وهي:

١ - قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ (الزخرف: ٢٦).

فبيّن أن إبراهيم قال لقومه إنني بريء منكم، ومما تعبدون، ثم استثنى من المعبودين ربه فقال بأنني أعبد الله الذي فطرني، أي أوجدني من العدم، ورزقني ودبرني، ثم قال بعد ذلك: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ (الزخرف: ٢٨). أي أن البراءة مما يعبد من دون الله، وعبادة الله وحده، هي الكلمة الباقية، وهي كلمة التوحيد، قال ابن كثير: «قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والسدي، وغيرهم في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ (الزخرف: ٢٨)، يعني: لا إله إلا الله، لا يزال في ذريته من يقولها، وروي نحوه عن ابن عباس» (٢).

فتبين بهذه الآية: أن معنى (لا إله إلا الله) هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى.


(١) انظر: «تيسير الكريم الرحمن» للسعدي (ص: ١٢٤).
(٢) انظر: «تفسير ابن كثير» (٧/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>